في تطور صادم أثار موجات من الغضب والقلق، كشفت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية في 7 أغسطس 2025 عن مشروع سري وضعه مستشارون من شركة مجموعة بوسطن الاستشارية (BCG)، يقترح خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة، من بينها الصومال وأرض الصومال، في إطار ما يوصف بخطة إعادة إعمار غزة بعد الحرب المدمرة بين إسرائيل وحركة حماس.
تفاصيل الخطة: نموذج لإعادة التوطين خارج حدود غزة
المشروع الذي تم تصميمه لصالح رجال أعمال إسرائيليين يعملون على سيناريوهات ما بعد الحرب، يشمل خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة بصورة طوعية، كما تدعي الوثائق. وتتضمن هذه الخطة تقديرات اقتصادية دقيقة حول تكاليف الترحيل، والإعانات المعيشية، والبنية التحتية المطلوبة في الدول المستقبِلة.
من أبرز الدول المدرجة في هذه الخطة: الصومال، وأرض الصومال (صوماليلاند)، إلى جانب مصر، الإمارات، الأردن. وعلى الرغم من أن المشروع لم يبني على مفاوضات رسمية مع تلك الدول، إلا أنه يحتوي على تحليل شامل للجدوى الاقتصادية.
تلميحات إدارة ترامب ودعم محدود للمشروع
ذكرت مصادر للصحيفة أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اطلعت على تفاصيل المشروع، وناقشت بعض بنوده، بما في ذلك احتمال إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية في صوماليلاند مقابل الاعتراف بها كدولة مستقلة، ضمن خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة.
يُذكر أن ترامب طرح سابقًا فكرة تحويل غزة إلى ريفييرا الشرق الأوسط عبر إفراغها من سكانها البالغ عددهم أكثر من 2.1 مليون نسمة، وهو ما يعيد طرح التساؤلات حول نوايا الخطة وما إذا كانت أداة ضغط ديموغرافية.
اتهامات بـ”التطهير العرقي” ورفض عربي ودولي
رغم أن المشروع لم يشهد تقدمًا عمليًا، إلا أنه أثار ردود فعل قوية من جهات حقوقية ودولية، وصفت خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة بأنها تمثل تطهيرًا عرقيًا. كما عبرت دول عربية مثل مصر والأردن عن رفضها القاطع لأي خطة توطين دائم للفلسطينيين خارج وطنهم، محذرة من زعزعة الاستقرار الإقليمي.
تحليل الجدوى الاقتصادية: مليارات الأرباح
وفقًا لنموذج BCG، فإن الدول المستقبلة للمهجرين يمكن أن تجني ما يصل إلى 4.7 مليار دولار خلال أربع سنوات، إذا ما تم تنفيذ خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة. وأوضح المصدر المطلع على المشروع أن الغرض كان تحليل الخيارات اقتصاديًا، وليس التفاوض الرسمي مع أي حكومة.
وتتوقع الوثائق أن ما يقرب من ربع سكان غزة قد يختارون مغادرة القطاع، مع احتمال كبير بعدم عودتهم في المستقبل.
مخاوف بشأن النية الحقيقية وراء النموذج
يشمل النموذج جوانب معقدة تتعلق بتوفير السكن المؤقت، والرعاية الصحية، والتعليم، فضلًا عن إزالة الأنقاض والمتفجرات غير المنفجرة من غزة، مما يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة هي تمهيد لعملية إعادة إعمار إنسانية، أم خطوة لتغيير التركيبة السكانية بشكل جذري.
تورط سري وفصل الشركاء من الشركة الأمريكية
في تطور لاحق، أعلنت مجموعة بوسطن الاستشارية أنها فصلت الشركاء المسؤولين عن المشروع بعد أن تبيّن أنهم ضللوا الإدارة ولم يحصلوا على موافقة رسمية. وأكدت الشركة أنها لم تصدر أي فواتير لقاء هذه الخدمات، وأن المشروع تم تنفيذه بشكل سري دون علم الإدارة العليا.
كما أبلغت BCG البرلمان البريطاني أن الشريك الرئيسي في المشروع تم منعه من تنفيذ أي مبادرة تتعلق بإعادة الإعمار دون إشراك السكان المتأثرين بشكل مباشر، مما يشير إلى غياب البعد الإنساني عن خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة.
ما وراء الأرقام: هل تتحول النماذج إلى واقع؟
رغم محاولات الشركة التبرؤ من المشروع، إلا أن الوثائق المسربة تُظهر أن النية لبحث جدوى خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة كانت حقيقية ومدروسة، حتى وإن لم يتم تنفيذها. ويبقى السؤال الأهم: هل ستكون الخطوة التالية تنفيذًا عمليًا لهذه الخطط أم دفنها إلى الأبد تحت وطأة الرفض الدولي والأخلاقي؟
تعرف المزيد: تخفيف محدود في 2025: إسرائيل توافق على إدخال البضائع إلى غزة من خلال تجار محليين
عندما تتحول الكارثة إلى دراسة جدوي
تكشف هذه الحادثة عن توجه خطير في التعامل مع الأزمات الإنسانية، حيث تتحول المآسي إلى مشاريع نمذجة واستشارات اقتصادية. وبينما لا تزال خطة تهجير سكان غزة إلى دول متعددة حبرًا على ورق، إلا أن كشفها يثير تساؤلات أخلاقية عميقة حول كيفية صنع السياسات في مناطق الصراع.