بينما يكافح الصومال لاستعادة أمنه واستقراره، تلوح في الأفق أزمة حقيقية تهدد جهود إحلال السلام، تتمثل في أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي التي تواجه عجزًا ماليًا خطيرًا، وسط تصاعد هجمات حركة الشباب الإرهابية، مما يضع مهمة الاستقرار الإقليمي أمام اختبار صعب.
أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي تضرب جهود الاستقرار
تعاني بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم الاستقرار في الصومال (AUSSOM) من أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي المتفاقمة، حيث ورثت عجزًا ماليًا ضخمًا بقيمة 96 مليون دولار عن بعثة أتميس السابقة. وتحتاج البعثة إلى أكثر من 8000 جندي إضافي، إلى جانب تعزيز الأصول الجوية والأسلحة والمعدات الحيوية لاستمرار عملياتها.
في اجتماع استثنائي بمدينة عنتيبي الأوغندية، دعت الدول المساهمة بقوات في البعثة إلى سرعة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2719 لعام 2023 لمعالجة أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي.
تفعيل قرار مجلس الأمن 2719..هل ينقذ الوضع؟
شدد القادة الإقليميون خلال الاجتماع على ضرورة تفعيل القرار الدولي الذي يتيح تمويل بعثات السلام الأفريقية عبر مساهمات الأمم المتحدة. حيث يسمح القرار بتمويل يصل إلى 75% من ميزانية البعثة عبر مساهمات الأمم المتحدة، مما قد يشكل حلاً عاجلًا لمواجهة أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي التي تهدد وجود المهمة نفسها.
وزيرة الدفاع الكينية أوضحت أن القمة خرجت بتوصيات عاجلة تشمل تعزيز عدد القوات، وزيادة الدعم الجوي والاستخباراتي للبعثة.
تصاعد تهديدات حركة الشباب
في خضم هذه الأزمة المالية، صعّدت حركة الشباب من هجماتها ضد القوات الصومالية وقواعد البعثة، حيث اندلعت معارك ضارية للسيطرة على قاعدة عسكرية في ورغاطي. تؤكد هذه التطورات أن تأخير حل أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي قد يؤدي إلى انتكاسة خطيرة لجهود مكافحة الإرهاب في الصومال.
موقف الاتحاد الأفريقي والمنظمات الإقليمية
أكد رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، محمود يوسف، أن استمرار أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي يهدد الاستقرار في القرن الأفريقي بأسره، ودعا الدول الأعضاء والشركاء الدوليين إلى اتخاذ خطوات عاجلة لإنقاذ البعثة.
من جهته، أكد الأمين التنفيذي للهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) أن نقص التمويل جعل قادة الميدان يواجهون “خيارات مستحيلة” تتعلق بالموارد الأساسية مثل الوقود والذخيرة.
ضرورة الحفاظ على استقرار الصومال
تمثل بعثة الاتحاد الأفريقي ركيزة رئيسية لاستقرار الصومال والمنطقة. ومع تفاقم أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي، يصبح الاستمرار الفعال للبعثة على المحك. ومن هنا، شدد المشاركون في القمة على أهمية عقد مؤتمرات مانحين مركزة لضمان تدفق التمويل اللازم في الوقت المناسب.
تأثير أزمة التمويل على مستقبل العمليات العسكرية
مع استمرار أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي، أصبحت العمليات العسكرية التي تهدف إلى دحر حركة الشباب الإرهابية معرضة للخطر. فالعجز المالي يعيق تزويد القوات بالمعدات الحديثة، ويؤخر الإمدادات اللوجستية اللازمة لضمان استمرارية الحملات الأمنية. وأكدت تقارير عسكرية أن بعض الوحدات اضطرت إلى تقليص أنشطتها بسبب شح الموارد، مما يمنح الإرهابيين فرصة لإعادة تجميع صفوفهم وشن هجمات جديدة.
إذا لم يتم معالجة أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي سريعًا، قد يشهد الصومال تراجعًا خطيرًا في مكاسب الاستقرار التي حققها خلال السنوات الأخيرة، مما يجعل الأمر ملحًا لمضاعفة الجهود الدولية لضمان استمرار العمليات العسكرية بكفاءة عالية.
ضرورة استجابة دولية عاجلة
أجمع قادة الدول المساهمة بقوات في الصومال خلال قمة عنتيبي على أن تجاوز أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي يتطلب حشد دعم دولي أوسع. ودعوا إلى تنظيم مؤتمر مانحين دولي في أقرب فرصة ممكنة، مع تقديم التزامات مالية مستدامة لتفادي المزيد من العجز.
وأشار المراقبون إلى أن الاستثمار في استقرار الصومال من خلال دعم البعثة الأفريقية ليس مجرد التزام إقليمي، بل مسؤولية دولية، نظراً لتأثير الأمن في القرن الأفريقي على التجارة العالمية والأمن البحري الدولي.
جهود إضافية لإنقاذ بعثة الاتحاد الأفريقي
يواصل المسؤولون الصوماليون والإقليميون جهودهم لإقناع المجتمع الدولي بدعم مهمة حفظ السلام مالياً. حيث أكدت الأوساط الدبلوماسية أن تجاوز أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي ضروري ليس فقط من أجل الصومال، بل من أجل استقرار حركة الملاحة البحرية العالمية وأمن منطقة البحر الأحمر.
في ظل تصاعد التهديدات الأمنية والتحديات الاقتصادية، أصبحت أزمة تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي تحديًا وجوديًا لابد من تجاوزه. إذ أن مستقبل السلام والاستقرار في الصومال والمنطقة يعتمد على الحل العاجل لهذه الأزمة وتقديم الدعم الكامل للبعثة لتحقيق مهمتها الحيوية.
تعرف المزيد على: هل ينجح التعديل الوزاري الجديد في الصومال في تعزيز الحرب ضد حركة الشباب؟