تشهد منطقة القرن الإفريقي تصعيدًا جديدًا في خريطة التوترات الجيوسياسية، ولكن هذه المرة من بوابة غير تقليدية: تايوان. القرار المفاجئ الذي اتخذته الحكومة الصومالية بمنع دخول حاملي جوازات السفر التايوانية أثار التوترات بين الصومال وتايوان على الساحتين الإقليمية والدولية، وأعاد إلى الواجهة ملف العلاقات المتشابكة بين الصومال، الصين، وتايوان، وسط اتهامات متبادلة وتأثيرات متوقعة على استقرار المنطقة.
تفاصيل القرار الصومالي وأسبابه المعلنة
في 22 أبريل 2025، أصدرت هيئة الطيران المدني الصومالية إشعارًا رسميًا يقضي بمنع دخول أو عبور أو خروج حاملي جوازات السفر التايوانية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 30 من الشهر نفسه. القرار أتى وفقًا لما وصفته الحكومة الفيدرالية الصومالية بالالتزام بـ”سياسة الصين الواحدة”، وبالاستناد إلى القرار الأممي رقم 2758 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1971، والذي ينص على تمثيل جمهورية الصين الشعبية كممثل وحيد للصين في الأمم المتحدة.
الرد التايواني: احتجاجات وتنديد رسمي
من جانبها، عبّرت وزارة الخارجية التايوانية عن احتجاجها الشديد على الخطوة الصومالية، معتبرة أنها جاءت نتيجة “تحريض من الصين”، في إطار حملة دبلوماسية لعزل تايوان على المستوى الدولي. وأكدت الخارجية التايوانية أن القرار يقيد حرية وسلامة مواطنيها، مطالبة الحكومة الصومالية بإلغائه فورًا، محذّرة في الوقت ذاته من مغبة استخدام القرار الأممي بشكل “مشوّه”.
أرض الصومال..عامل توتر إضافي
القرار الصومالي أتى في ظل علاقات متنامية بين تايوان وأرض الصومال، الإقليم الذي أعلن استقلاله من جانب واحد عام 1991 دون اعتراف دولي. تايوان افتتحت مكتب تمثيل في هرجيسا، عاصمة الإقليم، منذ عام 2020، الأمر الذي اعتبرته مقديشو خرقًا لسيادتها، فيما أكدت تايبيه أن علاقتها مع أرض الصومال مبنية على “قيم الديمقراطية والحرية”.
التوترات بين الصومال وتايوان في سياق صيني
التوترات بين الصومال وتايوان تتجاوز إطار القرار الإداري، فهي جزء من صراع نفوذ أوسع تقوده الصين لتعزيز موقفها ضد تايوان في القارة الإفريقية. بكين، التي تتمتع بعلاقات اقتصادية وأمنية قوية مع مقديشو، يُعتقد أنها مارست ضغوطًا مباشرة على الحكومة الصومالية لإصدار هذا القرار. وبذلك، تسعى الصين لإغلاق أي نافذة محتملة لتمثيل دبلوماسي لتايوان في إفريقيا.
مخاوف أمنية وتوصيات تحذيرية
تايوان أصدرت تحذيرًا رسميًا لمواطنيها بعدم السفر إلى الصومال وأرض الصومال، مشيرة إلى أن التوترات الأمنية والدبلوماسية قد تهدد سلامتهم. واعتبرت تايبيه أن القرار يشكل سابقة خطيرة في انتهاك حرية الحركة لمواطنيها، خصوصًا في ظل غياب تنسيق مع الجهات الدولية أو حتى إعلان واضح من الصومال عن نية إصدار هذا القرار.
هل التوترات بين الصومال وتايوان ستتصاعد؟
في ظل غياب رد رسمي من الحكومة الصينية على ما ورد من اتهامات، وامتناع هيئة الطيران المدني الصومالية عن التعليق، تبقى احتمالات التصعيد قائمة. وقد تشهد الفترة المقبلة تحركات دبلوماسية من الطرفين لكسب الدعم الدولي، وسط توقعات بأن تساهم هذه الأزمة في توتير العلاقات بين مقديشو وبعض حلفائها الغربيين، الذين يدعمون بقاء تايوان ككيان مستقل في المنظمات الدولية.
انعكاسات جيوسياسية محتملة
إن التوترات بين الصومال وتايوان ليست مجرد خلاف دبلوماسي محدود، بل تعكس بوضوح كيف يمكن لصراعات كبرى كالصراع الصيني التايواني أن تمتد إلى مناطق بعيدة، كالصومال. فبقدر ما تسعى مقديشو لتعزيز علاقاتها مع بكين، فإنها تدخل تلقائيًا في صراع جيوسياسي دولي قد تكون له تداعيات على أمنها واستقرارها الداخلي.
تعرف المزيد على: أزمة الحصانة البرلمانية في الصومال..قرار متراجع ونواب غاضبون