تشهد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلًا داخليًا متصاعدًا حول مستقبل الوجود الدبلوماسي والعسكري الأميركي في الصومال، في ظل تقدم ميداني جديد لحركة الشباب المتشددة.
فقد اقترح بعض مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية إغلاق السفارة الأميركية في مقديشو وسحب معظم الطاقم الدبلوماسي كإجراء احترازي أمني، على خلفية تصاعد تهديدات الحركة المسلحة. في المقابل، يرى مسؤولون آخرون في مجلس الأمن القومي أن الإغلاق قد يُفهم كدليل على فقدان الثقة في الحكومة الصومالية المركزية، مما قد يعجل بانهيارها.
ويأتي هذا الانقسام في ضوء تجارب سابقة مؤلمة للإدارة الأميركية، كالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي عام 2012، وانهيار الحكومة الأفغانية عام 2021 بعد انسحاب القوات الأميركية.
تضارب في التوجهات داخل الإدارة
يرى مستشار الرئيس ترامب لشؤون مكافحة الإرهاب، سيباستيان غوركا، أن تقليص الوجود الأميركي في سيكون خطوة خطيرة، داعيًا إلى تعزيز العمليات العسكرية وضرب مواقع حركة الشباب، بدلًا من الانسحاب.
وفي اجتماع رفيع المستوى عُقد في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، نوقشت عدة مقترحات دون التوصل إلى قرار نهائي بشأن الاستراتيجية المقبلة في الصومال.
دعم مستمر للجيش الصومالي رغم التحديات
لسنوات طويلة، اعتمدت الولايات المتحدة سياسة دعم الحكومة الصومالية المركزية من خلال تدريب وتجهيز وحدات من القوات الخاصة الصومالية المعروفة باسم “دنب”، بالإضافة إلى تنفيذ ضربات جوية بطائرات مسيّرة لمساندة تلك القوات في معركتها ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ورغم هذا الدعم، لا تزال القوات الصومالية تواجه تحديات ميدانية، وسط تقارير تشير إلى امتناع بعض الوحدات عن خوض المعارك. كما أن الرئيس حسن شيخ محمود واجه انتقادات بعد أن خسر دعم بعض العشائر وحتى مؤيدين من داخل معسكره.
احتمالات إعادة تموضع السفارة
تُبقي وزارة الخارجية الأميركية على السفارة في مقديشو “نشطة بالكامل”، بحسب متحدث رسمي، مع تأكيد أن تقييم التهديدات الأمنية جارٍ بشكل دائم. لكن بعض المسؤولين يرون أن إغلاق السفارة بشكل تدريجي سيكون أكثر أمانًا من سيناريو انسحاب طارئ مثلما حدث في كابل عام 2021.
ويجري النظر في مقترحات بنقل العمليات الدبلوماسية الأميركية إلى دول مجاورة ككينيا أو جيبوتي، أو حتى إلى قاعدة جوية في منطقة أرض الصومال شبه المستقلة، رغم أن الحكومة المركزية لا تسيطر فعليًا على هذه المنطقة.
الجدل حول جدوى الوجود الأميركي
مع وجود ما بين 500 إلى 600 جندي أميركي في الصومال حاليًا، وبعد سنوات من الضربات الجوية والتدريب العسكري، يظل السؤال الأبرز هو: هل من المجدي الاستمرار في النهج الحالي؟ أم يجب تصعيد العمليات العسكرية؟ أم التراجع التدريجي مع الحفاظ على القدرة على تنفيذ ضربات محددة من الخارج؟
ويتزامن ذلك مع تقارير استخباراتية أميركية تُشير إلى احتمالية وجود تعاون بين حركة الشباب والحوثيين في اليمن، ما يرفع من مستوى التهديد الإقليمي.
القرار الأميركي بشأن البقاء أو الانسحاب من الصومال لا يرتبط فقط بالأوضاع الأمنية هناك، بل بتعقيدات سياسية وتحالفات إقليمية مع دول كالإمارات وتركيا وإثيوبيا، إضافة إلى الحسابات الداخلية المتعلقة بالإرث العسكري الأميركي في مناطق النزاع.
تعرف المزيد على: من بينهم الصومال.. واشنطن تستأنف 6 برامج مساعدات خارجية