في ظل تصاعد الجدل السياسي في الصومال، أطلق رئيس صومالي سابق تصريحات نارية اتهم فيها الحكومة الفيدرالية بممارسة التمييز في مقديشو ضد فئات من سكان العاصمة مقديشو، مما أعاد إلى الواجهة نقاشًا حساسًا حول العدالة الاجتماعية والتمثيل السياسي داخل الدولة.
الرئيس السابق يندد بسياسات “انتقائية” في العاصمة
اتهم الرئيس الصومالي السابق شريف شيخ أحمد الحكومة الحالية بقيادة حسن شيخ محمود بممارسة التمييز في مقديشو ضد سكان بعض أحياء العاصمة مقديشو، وخصّ بالذكر منطقة “ياقشيد”، مشيرًا إلى أن السياسات الحكومية أصبحت مبنية على معايير عشائرية ضيقة بدلًا من النهج الوطني الجامع.
وقال شريف في تصريحاته: “لا يمكن بناء دولة عادلة إذا كان بعض المواطنين يُعاملون وكأنهم مواطنون من الدرجة الثانية”. وأشار إلى أن التمييز في توزيع المشاريع والخدمات في مقديشو بات واضحًا، محذرًا من أن استمرار هذا المسار سيزيد من الانقسامات الاجتماعية.
الجدل يعكس أزمات أعمق في المشهد السياسي الصومالي
يأتي هذا التصعيد التمييز في مقديشو في وقت تمر فيه الصومال بمرحلة دقيقة سياسيًا وأمنيًا، وسط محاولات حثيثة من الحكومة لتحقيق إصلاحات شاملة في ملفي الأمن والديمقراطية. لكن تصريحات الرئيس السابق تسلط الضوء على هشاشة التماسك الاجتماعي في العاصمة، وتثير تساؤلات حول مدى شمولية السياسات الحكومية.
ويرى محللون أن الاتهامات تكشف عن صراع خفي بين أجنحة سياسية سابقة وحالية، وأن مثل هذه التصريحات قد تكون محاولة للضغط على الحكومة لتعديل مسارها قبيل الانتخابات القادمة.
مقديشو..ساحة تنافس سياسي وقبلي معقد
من المعروف أن مقديشو، باعتبارها العاصمة السياسية والاقتصادية، تشهد تجاذبات سياسية كثيفة بين مختلف العشائر والتيارات، وهو ما ينعكس في توزيع النفوذ والمشاريع والخدمات. وقد تكررت في السنوات الأخيرة الشكاوى من تهميش مناطق بعينها لصالح أخرى، سواء في التوظيف أو في تنفيذ مشاريع البنية التحتية.
التصريحات الأخيرة أعادت هذا الملف إلى السطح، وسط مطالب متزايدة بمراجعة سياسات التنمية لتكون أكثر عدالة وشفافية.
صدى التصريحات داخل الأوساط السياسية
أثارت تصريحات الرئيس السابق موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية، إذ وصفها البعض بأنها محاولة لتأجيج الشارع في توقيت حساس، بينما اعتبرها آخرون تعبيرًا صريحًا عن الإقصاء المتراكم في مناطق معينة من العاصمة. وقد طالب عدد من النواب الحكومة بتقديم رد واضح وشفاف حول ما أثير، تجنبًا لتفاقم الغضب الشعبي.
ردود أفعال سكان ياقشيد على التمييز في مقديشو
في أحياء منطقة ياقشيد التي أشار إليها الرئيس السابق تحديدًا، عبر عدد من السكان المحليين عن استيائهم مما وصفوه بـ”التهميش المستمر”، مشيرين إلى أن مشاريع التنمية والخدمات العامة لا تصل إليهم بالمستوى الكافي. ويأمل الأهالي أن تُترجم هذه التصريحات إلى ضغط حقيقي لتغيير السياسات الحالية.
ورغم تصاعد الأصوات المطالبة بالتوضيح، لم تصدر الحكومة الفيدرالية حتى اللحظة بيانًا رسميًا للرد على هذه اتهامات التمييز في مقديشو. هذا الصمت يثير المزيد من علامات الاستفهام، ويجعل الأزمة مرشحة للتصعيد في حال استمرت الحكومة في تجاهلها للرواية المقابلة.
تحذيرات من استغلال الخطاب سياسياً
عدد من المحللين حذروا من استغلال هذا الخطاب سياسيًا من قبل أطراف معارضة قد تحاول توظيفه لإثارة النزاعات أو تقويض جهود الإصلاح. كما نبهوا إلى أهمية معالجة قضايا التهميش بطريقة مؤسسية ومدروسة، تضمن عدالة التمثيل وتوزيع الموارد دون الإضرار بلُحمة العاصمة الصومالية.
ويرى خبراء في الحكم المحلي أن ما أُثير في هذا الجدل يجب أن يكون حافزًا للقيام بمراجعة شاملة لسياسات توزيع الخدمات والموارد في العاصمة. ويمكن أن تُمثّل هذه اللحظة نقطة تحول نحو تحقيق مزيد من الشفافية والعدالة بين مختلف مناطق مقديشو، لا سيما تلك التي تشكو من التهميش المتراكم.
الحكومة تلتزم الصمت والمعارضة تصعّد
حتى لحظة إعداد التقرير، لم تصدر الحكومة الفيدرالية أي بيان رسمي للرد على تصريحات شريف شيخ أحمد عن التمييز في مقديشو. في المقابل، أبدت شخصيات معارضة دعمها لموقف الرئيس السابق، معتبرة أن تجاهل بعض المناطق يمثل تهديدًا للوحدة الوطنية.
وتُعد هذه التصريحات من أقوى الانتقادات العلنية التي تواجه بها الإدارة الحالية، في وقت تسعى فيه لترسيخ مفاهيم “الصوت الواحد لكل مواطن” ضمن أجندة الانتخابات القادمة.
التمييز في مقديشو.. قضية تتطلب معالجة مؤسسية
يرى خبراء أن الأزمة تتطلب حلاً جذريًا من خلال سياسات شاملة تعزز العدالة في توزيع المشاريع الحكومية، مع وضع آلية شفافة للمساءلة. ويؤكد البعض أن تكرار هذه الاتهامات، سواء من المعارضة أو من مواطنين، يعكس فشلًا في التواصل الحكومي مع كافة أطياف الشعب، مما يضع الحكومة أمام اختبار حقيقي في إدارة التنوع والإنصاف.
تعرف المزيد على: مراكز التسجيل تواصل تسجيل الناخبين في مقديشو مع اتساع رقعة المشاركة