في تصعيد لافت يعكس حدة الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي، أدان الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف شيخ أحمد بشدة الاشتباك العنيف الذي وقع تحت قبة مجلس الشعب، متهمًا الحكومة وقوات الأمن بمهاجمة نواب وصحفيين خلال جلسة برلمانية مشحونة.
هذه الحادثة أثارت قلقًا واسعًا داخل الأوساط السياسية والإعلامية في مقديشو، وطرحت تساؤلات حقيقية عن مستقبل العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية في ظل ما وصفه مراقبون بانفلات مؤسسي يهدد استقرار البلاد.
أزمة برلمانية جديدة تكشف هشاشة التوافق السياسي
تفجّرت الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي على خلفية قرار رئيس المجلس آدم محمد نور “مدوبي” بطرد النائب عبد الله حاشي أبيب بسبب تغيبه عن جلستين متتاليتين دون عذر، وهي خطوة وصفها معارضون بأنها ذات دوافع سياسية، معتبرين أنها تتعارض مع القانون الداخلي وتفتقد للسند الدستوري.
وتحوّلت جلسة المجلس إلى ساحة اشتباك بعد أن تدخلت قوات الأمن لفض الفوضى، ما أسفر عن صدامات بين الشرطة ونواب، في مشهد غير مسبوق داخل مؤسسة تشريعية يُفترض أن تكون نموذجًا للديمقراطية.
شيخ شريف: البرلمان يتعرّض للإهانة
في بيان شديد اللهجة، قال شيخ شريف: “هذه الأعمال من الترهيب والعنف تنتهك مباشرةً حصانة النواب، وحرية الصحافة، وسمعة مؤسسات الدولة وكرامتها”. وأضاف أن تصريحات رئيس المجلس تمثل انفصالًا خطيرًا بين الواجبات الدستورية وسلوكه الشخصي.
وأكد الرئيس السابق أن هذه الحادثة تذكّر بسلوكيات مكررة أفضت في السابق إلى الإطاحة برئيس المجلس نفسه عام 2011، مشيرًا إلى أن التاريخ يعيد نفسه إذا لم تتم معالجة الخلل البنيوي داخل البرلمان.
الاتهامات التي وجهها شيخ شريف ضد رئيس المجلس تسلط الضوء على الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي باعتبارها أزمة متراكمة، وليست حادثًا عرضيًا. المعارضة ترى أن رئيس المجلس يستغل سلطته لتصفية خصومه سياسيًا، بينما تعتبره الحكومة إجراءً قانونيًا وفق اللوائح.
وعبّر صحفيون وناشطون في منظمات المجتمع المدني عن قلقهم من تكرار الاعتداءات على الصحافة داخل المؤسسات الرسمية، في انتكاسة جديدة لحرية التعبير في بلد يحاول جاهداً بناء ديمقراطيته الهشة بعد عقود من الحرب.
تداعيات خطيرة على استقرار الدولة
التحركات الأخيرة تعكس هشاشة الثقة بين مؤسسات الحكم، إذ يرى مراقبون أن تصاعد الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي قد يقوّض مسار الإصلاح السياسي، ويهدد بعرقلة قوانين ومشروعات أساسية تتطلب توافقًا بين الحكومة والبرلمان.
ويخشى البعض أن يؤدي هذا التصعيد إلى مزيد من الاستقطاب داخل النخبة السياسية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى وحدة الصف لمواجهة تحديات أمنية واقتصادية متزايدة، أبرزها خطر الإرهاب والانكماش الاقتصادي.
مسؤولية التهدئة..وضرورة الإصلاح
في ظل هذا المشهد المتوتر، تبدو الحاجة ماسّة إلى تدخل رئاسي وحزبي لتطويق الأزمة، ووضع حد لسوء إدارة الجلسات البرلمانية وتسييس القرارات الداخلية. من شأن ذلك أن يفتح الباب أمام إصلاح تشريعي يعيد الثقة إلى مؤسسة البرلمان، ويضمن احترام القوانين دون استغلال سياسي.
الخبراء يرون أن إنهاء الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي يتطلب إعادة النظر في آلية اتخاذ القرار، وتعزيز الشفافية في محاسبة النواب، وتكريس الفصل بين السلطات.
إن الأزمة السياسية في البرلمان الصومالي تكشف بوضوح حجم التحديات التي تواجه التجربة الديمقراطية في البلاد. ولعل ما جرى ليس سوى تحذير أولي بأن تجاهل الانقسامات الداخلية قد يؤدي إلى شلل مؤسسي وانفجار سياسي أوسع ما لم يتم احتواء الأزمة سريعًا.
تعرف المزيد على: بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تواجه تحديات تهدد نجاح مهامها