في مشهد يعيد إلى الأذهان سياسات الحرب التجارية، تعود خطة ترامب الجمركية إلى الواجهة، وهذه المرة بحزمة ضرائب جمركية فرضت على أكثر من 90 دولة. وبينما يتفاخر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن المليارات تتدفق إلى الخزينة الأمريكية، تثار تساؤلات حقيقية حول الأثر المباشر على المواطن الأمريكي، والأسواق العالمية، وشبكة التحالفات التجارية الدولية.
تصعيد جمركي واسع..
مع اقتراب موعد التفاوض النهائي، أعلن ترامب عبر منصته “تروث سوشيال” أن خطة ترامب الجمركية بدأت تؤتي ثمارها، مشيرًا إلى تدفق المليارات إلى الاقتصاد الأمريكي نتيجة فرض رسوم جمركية على سلع مستوردة.لم تكن خطوة ترامب مجرد إجراء اقتصادي، بل حملت رسائل سياسية واضحة، تعكس سعيه لإعادة رسم ملامح التجارة الدولية بما يخدم المصالح الأمريكية أولًا.
ضرائب مرتفعة على آسيا.. واستهداف للشركاء الصين
تضررت اقتصادات صناعية كبرى في جنوب شرق آسيا، مثل لاوس وميانمار، برسوم وصلت إلى 40%. ويشير خبراء إلى أن خطة ترامب الجمركية تتعمد استهداف الدول التي تحتفظ بروابط تجارية وثيقة مع الصين. رغم ذلك، بدت الأسواق الآسيوية هادئة، وسجلت ارتفاعات طفيفة في مؤشرات اليابان وهونغ كونغ وكوريا الجنوبية.
رسوم جديدة على الهند وأشباه الموصلات
هدد ترامب برفع الرسوم على واردات الهند إلى 50% إذا لم تتوقف عن استيراد النفط الروسي. أما الرقائق الإلكترونية، فكانت لها حصة خاصة، حيث توعد ترامب بفرض رسوم تصل إلى 100% على أشباه الموصلات المصنعة خارج الولايات المتحدة، في محاولة لجذب استثمارات تقنية محلية. كما أن بعض هذه الإجراءات جاءت ضمن مساعٍ غير مباشرة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما أضفى على خطة ترامب الجمركية طابعًا جيوسياسيًا يتجاوز حدود الاقتصاد.
الوضع مع كندا والمكسيك: تصعيد محدود واتفاقات قائمة
في تحرك أثار الجدل، رفع ترامب الرسوم على كندا إلى 35%، متهمًا إياها بعدم التعاون في وقف تهريب المخدرات، إلا أن معظم صادراتها محمية باتفاقية USMCA. أما مع المكسيك، فتم تأجيل الرسوم لمدة 90 يومًا إضافية، في انتظار نتائج المفاوضات الجارية.
خطة ترامب الجمركية: منافع للداخل، توتر للخارج؟
يرى أنصار ترامب أن سياساته التجارية الجريئة أعادت الروح للصناعات المحلية، ودفعت شركات مثل أبل لإعادة الاستثمار داخل البلاد. في المقابل، يتخوف محللون من أن تُسهم خطة ترامب الجمركية في تقويض النظام التجاري العالمي، وتؤدي إلى ردود فعل تجارية مضادة.
رسوم عقابية مرتبطة بالأمن القومي
ربط ترامب بعض الرسوم بما وصفه بـ”الأمن القومي”، مهددًا بعقوبات جمركية على كل من يتعامل تجاريًا مع روسيا، بما في ذلك الهند، التي وصفت الإجراءات بأنها “غير مبررة”. وتُظهر هذه السياسة كيف أن خطة ترامب الجمركية لم تعد أداة اقتصادية فحسب، بل ورقة ضغط سياسي في ملفات حساسة.
هل يربح المواطن الأمريكي من الخطة؟
رغم تدفق الإيرادات، إلا أن ارتفاع الأسعار المحتمل للسلع المستوردة قد يضع المستهلك الأمريكي في مواجهة مباشرة مع تكلفة خطة ترامب الجمركية في النهاية، قد لا يشعر المواطن الأمريكي بالمكاسب المعلنة، إذا انتقلت كلفة الرسوم من التجار إلى جيبه، كما تشير تقديرات اقتصادية.
تعرف المزيد: أسعار الذهب 2025: كيف يؤثر تدهور الاقتصاد الأميركي والرسوم الجمركية على المعدن الأصفر؟
خطة قد تُغير شكل التجارة العالمية
في ظل هذه المتغيرات، يبدو أن خطة ترامب الجمركية تمثل نقطة تحول في الفكر الاقتصادي الأمريكي، بين حماية الداخل وفرض الهيمنة على الأسواق العالمية. لكن السؤال الأهم يبقى: هل تستطيع هذه السياسة تحقيق مكاسب مستدامة، أم أنها مجرد جولة جديدة في حرب تجارية طويلة الأمد؟