في ختام زيارة ميدانية استمرت أربعة أيام إلى الصومال، أطلقت نائبة المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة، أوغوتشي دانيلز، في 31 يوليو، تحذيرًا حادًا من تفاقم أزمة المناخ وتداعياتها الكارثية على حياة الملايين. وأكدت دانيلز أن الصومال على خط المواجهة المناخية في 2025، وأن الوضع هناك يتطلب استجابة دولية عاجلة، تبدأ بزيادة الدعم وتوسيع نطاق التمويل المناخي.
الصومال على خط المواجهة المناخية بدون وجه حق

خلال جولتها التي شملت العاصمة مقديشو ومدينة بوساسو الساحلية في شمال البلاد، وصفت دانيلز المشهد الإنساني بأنه أحد أقسى وجوه أزمة المناخ في العالم. وقالت: شعب الصومال يدفع ثمن أزمة لم يساهم في صنعها. الجفاف والفيضانات والصراعات المستمرة نزحت ملايين العائلات، وأثقلت كاهل المدن، وأشعلت صراعات على الموارد القليلة.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة، تسبب تغير المناخ في نزوح نحو 3.6 مليون شخص داخل البلاد، بينما يعيش قرابة نصف السكان تحت وطأة كوارث بيئية متتالية.
حلول بسيطة ومبتكرة، قدرة علي التكيف
رغم قسوة الظروف، أبدت دانيلز إعجابها الشديد بصمود المجتمعات المحلية، و علي الرغم من ان الصومال على خط المواجهة المناخية القاسية إلا انها وصفت الصومال بأنه ليس مجرد مسرح للأزمات، بل دليل حي على قدرة البشر على التكيف والابتكار.
وأشارت إلى أن المجتمعات الصومالية، نساءً ورجالًا، “لا تنتظر الحلول من الخارج”، بل تقود استجابات محلية تعتمد على حلول بسيطة ومبتكرة، تعزز الأمن والاستقرار، وتبني أساسًا لسلام مستدام.
الصومال على خط المواجهة المناخية.. التمويل المناخي ضرورة

ركزت المسؤولة الأممية خلال زيارتها على أهمية توسيع نطاق التمويل الدولي المخصص لأزمات المناخ، خصوصًا في دول مثل الصومال على خط المواجهة المناخية، والتي تُعد من بين الأكثر هشاشة في مواجهة الكوارث البيئية.
ودعت إلى تفعيل أدوات تمويل مثل صندوق المناخ الأخضر لضمان وصول الدعم إلى من هم في أمس الحاجة إليه.
وقالت: بدون تمويل مستدام، سنفقد سنوات من التقدم، وسنترك الملايين تحت رحمة الكوارث.
المنظمة الدولية للهجرة تطبق نهجًا متكاملًا في الصومال يجمع بين الإغاثة الفورية وبناء القدرة على الصمود، عبر تطوير البنية التحتية، وتحديث نظم الإنذار المبكر، وتعزيز آليات الحماية الاجتماعية، وتنويع مصادر الدخل.
نموذج التمويل المشترك: دور المرأة الصومالية ألافت

واحدة من أبرز محطات الجولة كانت عرض نموذج التمويل المشترك الذي تطبقه المنظمة في الصومال، حيث ساهمت المجتمعات المحلية بأكثر من نصف مليون دولار خلال عام 2024، مقابل دعم يزيد عن مليوني دولار من المنظمة.
هذه الأموال مولت مشاريع مثل الطاقة الشمسية، والزراعة الصغيرة، والوصول إلى مياه شرب نظيفة، وغالبًا ما تقود النساء هذه المبادرات. وفي بلد مثل الصومال على خط المواجهة المناخية، أصبحت أكثر من نصف إدارات المياه في هذه المشاريع تضم نساء في مواقع القيادة، في تحول لافت يعكس دور المرأة في بناء المرونة المجتمعية.
الهجرة المناخية تتسع: بوساسو مثال علي ذلك
في مدينة بوساسو، إحدى أهم موانئ الشمال الصومالي، لفتت دانيلز إلى أن أزمة المناخ لم تعد مجرد خطر محلي، بل أصبحت دافعًا رئيسيًا للهجرة الداخلية وعبر الحدود.
وأضافت: ما نشهده في الصومال هو جزء من ظاهرة إقليمية أوسع، فالمناخ والاقتصاد يعيدان رسم خرائط التنقل في القرن الأفريقي وما بعده. لا يمكن مواجهة ذلك دون تعاون إقليمي حقيقي.
تعرف المزيد: من التهميش إلى التمكين: نساء الصومال تشق طريق الاستقلال
رسالة أخيرة للعالم: لا وقت للمماطلة
في ختام زيارتها، وجهت نائبة المدير العام رسالة مباشرة للمجتمع الدولي: الأمر لا يتعلق بالصومال وحده. هذا اختبار للعالم بأسره. إما أن نستثمر اليوم في حلول حقيقية، أو نسمح للفئات الأكثر هشاشة بدفع ثمن تقاعسنا غدًا. الصمت لم يعد خيارًا.