الرهان على الشباب الصومالي.. في الأول من يوليو، احتفلت الصومال بمرور 65 عامًا على استقلالها، في لحظة حملت مشاعر مختلطة من الفخر الوطني والقلق العميق. وفي حين دخل أكثر من 40 ألف طالب لأداء امتحانات الثانوية العامة، جاء خبر محزن وفاة اثنان من الخريجين غرقًا وهم في طريقهم للبحث عن حياة افضل. مشهدان متناقضان يلخصان واقع الشباب الصومالي: بين الحلم والخذلان، بين الأمل والهروب. فهل آن الأوان لأن يكون الرهان على الشباب الصومالي بجدية ؟
الرهان على الشباب الصومالي: بين التهديد والفرصة
يُشكل الشباب أكثر من 70% من سكان الصومال، بحسب تقارير الأمم المتحدة، ومع ذلك تبلغ نسبة البطالة في صفوفهم أرقامًا مفزعة. هذه الفجوة لا تهدد فقط اقتصاد البلاد، بل تمس أمنها واستقرارها. فحين يُستثنى الشباب من التنمية، يفتح الباب أمام مسارات خطرة: التطرف، الهجرة، والعنف، فعلينا الاسراع لكي ننهض بهم ونستغل هذه الثروة الهائلة لكي يكون الرهان علي الشباب الصومالي هو مفتاح التغير.
الاقتصاد ..وأمن البلاد
لطالما ارتبط الحديث عن الأمن الصومالي بالحلول العسكرية والسياسية، لكن الواقع يكشف أن جوهر الأزمة اقتصادي. حيث تغيب الوظائف، تنمو الجريمة، ويصبح الراتب من أي مصدر يكون أقوى من كل القيم. لهذا، فإن دعم الشباب الصومالي اقتصاديًا هو استثمار مباشر في أمن البلاد واستقرارها.
الرهان على الشباب الصومالي: 7 طرق لتمكينهم

1. استراتيجية وطنية للتشغيل
ينبغي وضع خطة شاملة لتوفير فرص عمل حقيقية عبر:
- التدريب المهني المتوافق مع السوق المحلي والعالمي.
- برامج التلمذة الصناعية، وتطويرها
- دعم المشاريع قصيرة المدى التي تخلق وظائف فورية مع عائد.
2. دعم ريادة الأعمال الشبابية
لا يحتاج الشباب إلى صدقات، بل إلى أدوات: لا يحتاجوا الي من يعطيهم السمكة بل من يعلمهم كيف يصطادونها بأنفسهم وبتوفير الأدوات المناسبة.
- تمويل أولي للمشاريع الصغيرة.
- حوافز ضريبية ومراكز ابتكار وخلق الأفكار.
- تسهيل الإجراءات الإدارية للمشاريع الناشئة.
3. ربط التعليم بسوق العمل
يجب ألا ينتهي التعليم بالشهادة فقط:
- تحديث المناهج لتشمل المهارات العملية وريادة الأعمال.
- تعزيز التدريب التقني والمهني (TVET).
- ربط الطلاب بسوق العمل من خلال شراكات مع القطاع الخاص.
4. التحوّل الرقمي والاقتصاد الأخضر
الفرص الجديدة تُخلق في قطاعات ناشئة:
- تدريب على المهارات الرقمية مثل البرمجة والتسويق الإلكتروني.
- دعم الزراعة الذكية والطاقة المتجددة.
- تحفيز الشركات الخضراء التي يقودها شباب.
5. تأسيس فريق وطني للسلام والتنمية
مبادرة مدنية لإشراك الشباب في إعادة بناء الوطن:
- وظائف في التعليم والبنية التحتية وحل النزاعات.
- برامج تطوير مهارات القيادة والعمل المجتمعي.
- تقليل جاذبية الجماعات المتطرفة عبر بدائل ملموسة.
6. إشراك الشباب في الحوكمة
من العوامل المهمة إشراك الشباب والجيل الصاعد، لنجاح الرهان على الشباب الصومالي فانة لا تنمية بدون صوت الشباب:
- تأسيس مجلس استشاري وطني للشباب.
- إشراكهم في تخطيط السياسات المحلية.
- تخصيص مقاعد شبابية في المجالس النيابية.
- الاستماع الي أفكارهم ودعمها.
7. الاستفادة من طاقات الشتات
شباب الصوماليين بالخارج ثروة وطنية غير مستغلة:
- برامج “العودة للخدمة” المؤقتة.
- إرشاد واستثمار مشترك في مشاريع داخل البلاد.
- إنشاء منصات رقمية لربط شباب الداخل بالشتات.
نماذج ملهمة ومبادرات واعدة.. تحفز من الرهان على الشباب الصومالي

أطلقت الصومال مؤخرًا عدة مشاريع داعمة، منها:
- مشروع IMPACT بتمويل أوروبي لتدريب آلاف الشباب في مجالات الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة.
- TVET+ الممول ألمانيًا، لتقديم التدريب المهني في غالكايو وبيدوا وجوهر.
- برنامج UPSHIFT من اليونيسف لدعم الأعمال الصغيرة التي أسسها شباب في المناطق المهمشة.
هذه الجهود يجب أن تتحول إلى استراتيجية وطنية شاملة تعمل بجد لتُنفذ على الأرض، لا مجرد مبادرات منعزلة نسمع عنها فقط.
تعرف المزيد: هل نشهد حروب المياه في 2025؟ أزمة صامتة تهدد الأمن المائي العالمي
في عام 1960، حلم رواد رابطة الشباب الصومالي بمستقبل يصنعه الشباب. واليوم، لا يزال ذلك الحلم بعيد المنال. فهل سنظل مكتوفين الايدي أم ننهض من الركام و يكون الرهان على الشباب الصومالي هو مفتاح التغيير.
الشباب الصومالي ليسوا عبئًا، بل فرصة ذهبية لم تُستثمر بعد. والاستثمار فيهم ليس رفاهية، بل ضرورة وجودية. لأن شباب الوطن الصومالي هم أمل الامة وعماد نهضتها، الوقت ليس غدًا. الوقت الآن.