في سابقة تشريعية تُعد الأولى من نوعها منذ سنوات، صوّت مجلس الشعب الصومالي السبت 18 مايو 2025، على إقرار مشروع قانون حماية النازحين داخليًا في الصومال، وذلك بأغلبية ساحقة حيث وافق عليه 136 نائبًا مقابل رفض 4 نواب فقط. ويُعد هذا التشريع خطوة استراتيجية تجاه ،حماية النازحين داخليًا في ظل الأزمات المتكررة الناتجة عن الحروب والصراعات والكوارث البيئية.
حماية النازحين داخليًا في الصومال: ضرورة إنسانية واستراتيجية وطنية
في بلد يعاني من أزمات أمنية وإنسانية متشابكة، يمثل إقرار القانون الجديد تطورًا نوعيًا في السياسات الحكومية تجاه حماية النازحين داخليًا في الصومال. فوفقًا لبيانات الأمم المتحدة، يُقدّر عدد النازحين في الداخل بأكثر من مليون شخص، يعيش أغلبهم في مخيمات مكتظة، تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة الكريمة، ويعانون من الجوع، وسوء التغذية، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية.
ويؤكد التشريع على مسؤولية الدولة في ضمان حقوق هؤلاء النازحين، بما يشمل الحماية من العنف والاستغلال، وحقهم في التنقل، وتلقي المساعدة دون تمييز. كما يضع إطارًا قانونيًا يضبط تدخلات المنظمات الإنسانية، ويضمن تنسيق الجهود بين الجهات الرسمية وغير الحكومية.
دعم دولي وتحركات تشريعية نحو المواءمة مع المعايير العالمية
يتماشى القانون مع الالتزامات الدولية التي تعهدت بها الحكومة الصومالية، وخاصة في إطار “مبادئ كامبالا” الخاصة بحماية النازحين داخليًا. ويعزز القانون الجديد من قدرة المؤسسات الوطنية على تنظيم الاستجابة للأزمات، من خلال إنشاء قواعد واضحة للعمل الإنساني داخل المخيمات والمناطق المتأثرة، وإشراك المجتمع المحلي في وضع خطط الاستجابة والتأهيل.
كما رحبت منظمات دولية بهذا الإنجاز التشريعي، مثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، اللذان دعيا إلى توفير التمويل اللازم لضمان تنفيذ بنود القانون، ورفع القدرات المؤسساتية للدولة في هذا المجال.
وتُعد هذه الخطوة جزءًا من جهود أوسع تقودها الحكومة الصومالية لتطوير بنيتها التشريعية، وتعزيز سيادة القانون، ومأسسة حقوق الإنسان، خصوصًا في ظل ما تشهده البلاد من حراك سياسي كبير مرتبط بالانتخابات والدستور.
آمال وتحديات: كيف يرى النازحون مستقبلهم في ضوء القانون الجديد؟
بالنسبة للنازحين، يُعد القانون بارقة أمل بعد سنوات من الإهمال. تقول “حليمة أحمد”، وهي أم لخمسة أطفال فرت من إقليم شبيلي إلى العاصمة مقديشو بسبب القتال:
“لم يكن أحد يسأل عنا أو عن أطفالنا..لكن بعد سماعنا عن هذا القانون، نشعر أن صوتنا بدأ يُسمع”.
لكن في المقابل، تبقى التحديات قائمة، وأبرزها نقص التمويل، وضعف البنية التحتية، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق بسبب الأوضاع الأمنية. كما يشير بعض الخبراء إلى أن تطبيق القانون سيتطلب تدريبًا موسعًا للعاملين في المؤسسات الحكومية، وبناء أنظمة بيانات دقيقة لرصد أوضاع النازحين وتحديد احتياجاتهم.
ويُتوقع أن تسهم هذه الخطوة في الحد من الانتهاكات التي يتعرض لها النازحون، كالتهجير القسري أو الاستغلال أو التمييز في توزيع المساعدات. كما أن القانون سيفرض على السلطات المحلية التزامات قانونية تجاه هذه الفئة، وهو ما سيفتح الباب لمحاسبة المسؤولين في حال حدوث تقصير.
تعرف المزيد على: العمليات العسكرية ضد حركة الشباب في الصومال تواصل ضرب أوكار الإرهاب