في صباح دامٍ جديد في العاصمة مقديشو، قُتل 15 شخصًا على الأقل وأصيب أكثر من 20 آخرين في هجوم انتحاري استهدف مركزًا لتجنيد الجيش الوطني الصومالي، في واحدة من أكثر الضربات دموية خلال الأشهر الأخيرة. وقد أعلنت ميليشيات الشباب الصومالية مسؤوليتها عن الهجوم، مما يضع علامات استفهام كبرى حول جاهزية الدولة للتصدي للمخاطر الإرهابية المتصاعدة.
هجوم إرهابي يستهدف مركز تجنيد الجيش الصومالي
الهجوم وقع داخل ثكنات “داماينو” الواقعة جنوب غرب العاصمة مقديشو، بينما كان العشرات من الشبان مصطفين طوعًا بانتظار الانضمام إلى صفوف الجيش الوطني الصومالي. الانفجار الذي نفذه انتحاري يحمل حزامًا ناسفًا أدى إلى مقتل 15 شخصًا على الفور، وإصابة 20 آخرين بجروح حرجة، نُقلوا على إثرها إلى مستشفيات العاصمة.
يُعد هذا التفجير مؤشرًا مقلقًا على هشاشة الوضع الأمني، خاصة في منشآت يُفترض أنها محصنة كقواعد التجنيد.
الجيش الوطني الصومالي في سباق مع الزمن لسد العجز
تأتي عملية التجنيد الأخيرة ضمن جهود الحكومة الصومالية لتجنيد المزيد من المقاتلين لسد الفجوة المتزايدة في خطوط القتال ضد ميليشيات الشباب الإرهابية. يعاني الجيش الوطني الصومالي من نقص حاد في الأفراد، خاصة في المناطق الوسطى، مما اضطره إلى تكثيف حملات التجنيد في العاصمة ومحيطها. إلا أن استهداف مراكز التجنيد يجعل هذه الخطط عرضة للخطر.
ميليشيات الشباب تعرقل جهود التجنيد والدعم الدولي مهدد
العملية تأتي في وقت حساس، إذ تتزامن مع تقارير تفيد بإمكانية انسحاب الولايات المتحدة من تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال (AUSSOM)، ما قد يؤدي إلى خلل كبير في هيكل الأمن القومي الصومالي.
ميليشيات الشباب تحاول بهذه الهجمات تقويض مشروع بناء جيش وطني موحد قادر على استعادة السيطرة، خاصة مع محاولاتها المستمرة لاختراق المؤسسة العسكرية من الداخل.
هجوم على خطى هجمات سابقة..وتكرار للسيناريوهات الدموية
سبق لميليشيات الشباب أن نفذت هجمات مشابهة على منشآت تجنيد وتدريب عسكرية، منها الهجوم على معسكر التدريب التركي في مقديشو حيث يتم إعداد وحدات النخبة “غورغور”. هذه الاستراتيجية تهدف إلى تحطيم الروح المعنوية ومنع بناء جيش وطني قادر على المواجهة طويلة الأمد.
تصعيد خطير في العاصمة يهدد بيئة التجنيد العسكري
تُعد الهجمات المتكررة على مراكز التجنيد مؤشرًا خطيرًا على تدهور الوضع الأمني حتى في العاصمة، حيث يُفترض أن تكون تحت سيطرة كاملة من الجيش الوطني الصومالي. يعكس ذلك تحديات هائلة في تأمين العمليات اللوجستية والتجنيدية، ويضع ضغوطًا إضافية على القيادة العسكرية لاتخاذ إجراءات أمنية عاجلة وفعّالة.
الجيش الوطني الصومالي في اختبار صعب أمام الإرث الإرهابي
منذ سنوات، يخوض الجيش الوطني الصومالي حربًا طويلة ضد التطرف، لكنه اليوم أمام اختبار مختلف، يتمثل في ضمان استمرارية قدراته البشرية والإدارية في وجه الهجمات المباشرة على مقراته. هذا التفجير لا يستهدف فقط الأفراد، بل الثقة الشعبية بقدرة الجيش على الحماية والبناء.
المجتمع الدولي مدعو لدعم بقاء الجيش الوطني الصومالي
يتطلب الوضع الراهن تحركًا دوليًا سريعًا لدعم الجيش الوطني الصومالي، ليس فقط بالتمويل بل أيضًا بالتدريب والمعلومات الاستخباراتية. أي تقليص في دعم بعثة AUSSOM سيضاعف من المخاطر، ويفتح المجال أمام الميليشيات لفرض سيطرتها مجددًا، ما يمثل تهديدًا للأمن الإقليمي والدولي.
الهجوم الانتحاري في قلب العاصمة يعكس أن ميليشيات الشباب لم تعد تكتفي بالاختباء في المناطق النائية، بل تسعى لاختراق عمق الدولة، وتوجيه ضربات تكتيكية مؤلمة. ويؤكد هذا أن المعركة اليوم لا تُخاض فقط على الجبهات، بل في الخطوط الخلفية حيث يتم إعداد جنود المستقبل في الجيش الوطني الصومالي.
هل يمكن للجيش الوطني الصومالي احتواء الأزمة؟
رغم استمرار الهجمات، تؤكد الحكومة الصومالية أن القوات المسلحة تتقدم في حملاتها لاستعادة المناطق الاستراتيجية، وأنه سيتم اتخاذ تدابير أمنية مشددة لحماية مراكز التجنيد. لكن المشهد العام يُظهر هشاشة البنية الأمنية، واستمرار اعتماد البلاد على الدعم الخارجي لحماية سيادتها.
الطريق أمام الجيش الوطني الصومالي لا يزال طويلًا
في ظل تصاعد العمليات الإرهابية، وغياب الدعم الدولي المتوقع، يقف الجيش الوطني الصومالي أمام تحدٍ مصيري: إما النجاح في إعادة بناء المؤسسة العسكرية وتأمين المجندين، أو مواجهة شبح الانهيار أمام ميليشيات تستخدم الإرهاب كسلاح استراتيجي لإطالة أمد الفوضى.
تعرف المزيد على: مصر تؤكد دعمها الكامل للصومال ورفضها لأي مساس بسيادته في القمة العربية ببغداد