في تحرك لافت يحمل أبعادًا إنسانية وسياسية، أعلنت الحكومة الفيدرالية الصومالية عن رفع حظر الطيران عن بلدة دولو الذي كان مفروضًا منذ فترة طويلة في إقليم غدو بولاية جوبالاند جنوب غرب البلاد. هذا القرار يأتي في وقت حساس سياسيًا، ويفتح آفاقًا جديدة لتحسين التنقل والوصول الإنساني إلى واحدة من أبرز المناطق الحدودية في البلاد.
أصدر مكتب وزير الأمن الداخلي، عبد الله شيخ إسماعيل فرتاغ، بيانًا رسميًا أكد فيه رفع حظر الطيران عن بلدة دولو، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء يهدف إلى تلبية الاحتياجات المتزايدة لسكان الإقليم، خاصة في ظل اقتراب موسم الحج.
ويأتي القرار في وقت حرج يحتاج فيه المواطنون إلى سهولة التنقل، لا سيما الحجاج الذين يسعون للوصول إلى الأراضي المقدسة. كما يفتح القرار المجال أمام تسهيل الإمدادات الإنسانية وعودة بعض الخدمات الحكومية التي كانت متوقفة نتيجة الحظر.
أهمية بلدة دولو جغرافيًا واستراتيجيًا
تقع بلدة “دولو” في منطقة حدودية استراتيجية بين الصومال وإثيوبيا، وهي نقطة عبور رئيسية بين البلدين، ما يجعلها ذات أهمية كبيرة سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية. وقد تضررت البلدة سابقًا من إجراءات الحظر الجوي، التي أعاقت الحركة الجوية وتسببت في عزلة نسبية عن بقية المناطق.
وبالتالي، فإن رفع حظر الطيران عن بلدة دولو لا يمثل فقط خطوة تقنية، بل هو قرار يحمل في طياته رسائل استراتيجية نحو إعادة ربط المناطق النائية بالمراكز السياسية والاقتصادية في البلاد.
البعد الإنساني للقرار.. تسهيل سفر الحجاج وتلبية الاحتياجات المحلية
أشار البيان الصادر عن وزير الأمن الداخلي إلى أن رفع حظر الطيران عن بلدة دولو جاء بالتزامن مع موسم الحج، وهو ما يعكس استجابة الحكومة لمتطلبات وحقوق المواطنين. وكان سكان غدو يعانون من صعوبات في الوصول إلى مطار مقديشو الدولي، وهو ما جعل سفر الحجاج مهمة شاقة للغاية.
ومع رفع الحظر، أصبح بإمكان أهالي دولو الاستفادة من الرحلات الجوية الداخلية والدولية، مما يخفف من أعباء السفر البري الطويل والمكلف، ويعيد جزءًا من حقوقهم في التنقل الآمن والميسر.
الخلفية السياسية..قرار في سياق صراع الصلاحيات مع ولاية جوبالاند
لم يكن القرار معزولًا عن السياق السياسي العام في البلاد، حيث يتزامن مع جهود تبذلها الحكومة الفيدرالية لتشكيل إدارة موازية في ولاية جوبالاند. ويُفسَّر هذا التحرك على أنه محاولة من الحكومة لتعزيز نفوذها في المناطق الخاضعة فعليًا لسلطة حكومة الولاية.
ويشير مراقبون إلى أن رفع حظر الطيران عن بلدة دولو يمكن أن يُنظر إليه كخطوة لتقويض سلطة جوبالاند المركزية عبر تقديم تسهيلات مباشرة للمواطنين، ما قد يُكسب الحكومة الفيدرالية دعمًا شعبيًا في المنطقة.
ردود الفعل المحتملة وآفاق المرحلة المقبلة
حتى الآن، لم تصدر ولاية جوبالاند بيانًا رسميًا للرد على القرار، لكن من المتوقع أن يُثير هذا التحرك نقاشًا سياسيًا واسعًا حول الصلاحيات، خصوصًا في ظل العلاقة المتوترة بين مقديشو وكيسمايو (عاصمة الولاية).
في المقابل، لاقى القرار ترحيبًا شعبيًا من قبل العديد من المواطنين الذين طالبوا منذ فترة طويلة بتخفيف العزلة عن منطقتهم، مؤكدين أن إعادة فتح الأجواء أمام دولو سيُسهم في إنعاش الوضع الاقتصادي والخدمات الصحية والتعليمية.
خطوة نحو التهدئة أم بداية لتصعيد جديد؟
بين الأبعاد الإنسانية والسياسية، يبقى قرار رفع حظر الطيران عن بلدة دولو نقطة محورية في المشهد الصومالي. فبينما يراه البعض استجابة إيجابية لمطالب الشعب، يعتبره آخرون خطوة في لعبة النفوذ بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية.
لكن في النهاية، فإن مصلحة المواطنين تظل هي الرابح الأول من أي تحرك يُعيد التواصل والتنمية إلى المناطق التي طالها التهميش، في ظل تطلعات نحو بناء دولة قوية موحدة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار.
تعرف المزيد على: تحييد عناصر من مليشيات الشباب في عملية أمنية ناجحة وسط الصومال