تشهد الفيضانات في الصومال تصاعدًا دراماتيكيًا في الأيام الأخيرة، ما أدى إلى مصرع سبعة أشخاص على الأقل، بينهم أطفال ونساء، وخلّف دمارًا واسعًا في البنية التحتية والمنازل. فيما تتصاعد التحذيرات من استمرار هطول الأمطار الغزيرة، تعلن الحكومة حالة الطوارئ، وسط تحرك بطيء لإغاثة المتضررين. هذه الكارثة الطبيعية تعيد إلى الواجهة هشاشة البنية التحتية في البلاد وضعف جاهزية الدولة في مواجهة الكوارث المناخية.
في أحدث حصيلة رسمية، أكدت مصادر إعلامية محلية في الصومال وفاة 7 أشخاص جراء الفيضانات في الصومال التي اجتاحت عددًا من الأقاليم.
من بين الضحايا طفلان وامرأتان، لقوا حتفهم بعد أن جرفتهم السيول في أقاليم شبيلي السفلى وهرجيسا، في وقت تواصل فيه فرق الإنقاذ جهودها لانتشال المزيد من العالقين.
ويُتوقع ارتفاع عدد الضحايا مع استمرار هطول الأمطار خلال الأيام القادمة، خاصة في المناطق الواقعة جنوب ووسط البلاد، حيث تكثر التجمعات السكانية غير المحمية.
أسفرت الفيضانات عن انهيار عشرات المنازل، وتدمير العديد من الطرق الريفية، مما أدى إلى عزل قرى ومناطق كاملة عن محيطها.
في العاصمة مقديشو، تسببت الأمطار الغزيرة في شلل مروري واسع، في حين تعاني بعض الأحياء من انقطاع الكهرباء والمياه.
كما انهارت جسور حيوية على نهر شبيلي، ما أدى إلى تعطيل حركة البضائع والإمدادات، وزيادة أسعار المواد الغذائية في الأسواق المحلية.
في استجابة أولية، أعلنت الحكومة الصومالية حالة الطوارئ في المناطق الأكثر تضررًا من الفيضانات، ووجهت نداءً عاجلًا إلى المنظمات الإنسانية والدولية للمساعدة في إغاثة آلاف الأسر النازحة.
وأشارت وزارة الشؤون الإنسانية وإدارة الكوارث إلى أن هناك أكثر من 12,000 أسرة فقدت منازلها، وتعيش الآن في العراء، بلا مأوى أو غذاء كافٍ، ما يُنذر بأزمة إنسانية مركبة.
الفيضانات كشفت من جديد هشاشة البنية التحتية في الصومال، فمع كل موسم مطري، تتكرر المأساة، وسط غياب مشاريع فعالة لتصريف المياه، وعدم وجود جدران حماية على ضفاف الأنهار.
وفي المدن الكبرى مثل بيدوا وبوصاصو، فاضت مياه الأمطار داخل الأحياء، حيث لم تصمد شبكات الصرف القديمة، ما أدى إلى اختلاط المياه النظيفة بالمياه الملوثة، وظهور حالات إصابة بالإسهال والأمراض المعدية.
توقعات أرصادية مرعبة: أمطار أكثر خلال الأيام القادمة
حذرت الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية من استمرار هطول الأمطار بمعدلات أعلى من المتوسط، في ظل تأثر البلاد بموجة مناخية مرتبطة بظاهرة “النينيو”، التي تزيد من غزارة الأمطار في القرن الأفريقي.
وأكدت الهيئة أن الأقاليم الوسطى والجنوبية ستشهد موجات جديدة من الأمطار الغزيرة، داعية السكان إلى الابتعاد عن مجاري السيول واتخاذ الاحتياطات اللازمة.
رغم إعلان بعض المنظمات مثل الهلال الأحمر والصليب الأحمر الصومالي عن تقديم مساعدات غذائية وطبية، إلا أن الاستجابة لا تزال دون المستوى المطلوب، في ظل اتساع رقعة الضرر، وغياب التنسيق اللوجستي الكافي.
المساعدات لم تصل بعد إلى المناطق النائية، في حين أكدت مصادر محلية أن بعض القرى لم تتلقَ أي إغاثة منذ بداية الفيضانات، ما يزيد من معاناة الأهالي، خاصة الأطفال والنساء.
الحكومة تتعهد بخطة عاجلة لحل أزمة الفيضانات في الصومال: هل تكون كافية؟
تعهد رئيس الوزراء الصومالي بإطلاق خطة عاجلة لإعادة الإعمار ودعم الأسر المتضررة، تشمل بناء مساكن مؤقتة، وتوزيع المساعدات، وتأهيل الطرق المدمرة.
لكن خبراء محليين شككوا في جدية التنفيذ، مؤكدين أن الوعود الحكومية غالبًا ما تُجهض بفعل الفساد والبيروقراطية، وعدم توفر الموارد الكافية.
أبعاد صحية خطيرة: الأمراض تبدأ في الانتشار
بالتوازي مع الفيضانات في الصومال، بدأت الأمراض الوبائية في الانتشار، خاصة بين الأطفال وكبار السن، حيث أُبلغ عن عشرات الحالات من الكوليرا والإسهال المائي في المخيمات المؤقتة.
وقالت وزارة الصحة إن فرقها تتابع الوضع الصحي في المخيمات، لكنها تواجه نقصًا حادًا في الأدوية والمستلزمات الطبية، وسط دعوات عاجلة لدعم القطاع الصحي.
الفيضانات في الصومال: أزمة تتكرر سنويًا دون حلول
تعتبر الفيضانات في الصومال واحدة من أبرز التحديات المناخية التي تواجه البلاد، ومع ذلك، لم تضع الحكومة بعد خطة استراتيجية وطنية لمواجهة الكوارث الطبيعية، وتبقى الاستجابات دائمًا آنية ومرتبكة.
وبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من نصف سكان الصومال عرضة سنويًا لخطر الفيضانات أو الجفاف، ما يتطلب تغييرًا جذريًا في سياسات التخطيط العمراني وحماية الموارد.
إن تصاعد آثار الفيضانات في الصومال يكشف ليس فقط ضعف البنية التحتية، بل وفشل الحكومات المتعاقبة في إعداد خطة وقاية واستجابة شاملة. ومع استمرار التغيرات المناخية، فإن تكرار هذه الكوارث لن يتوقف، ما لم يتم تبني سياسات واضحة لتهيئة المدن، وتنفيذ مشاريع تصريف مياه الأمطار، وتحسين جاهزية إدارة الكوارث.
اليوم، تقف الصومال أمام اختبار حقيقي: إما أن تواجه الكارثة بالعزيمة والخطط، أو تترك مواطنيها يغرقون عامًا بعد عام.
تعرف المزيد على: روسيا تدرس وقف إطلاق النار في أوكرانيا لمدة 30 يومًا: فرصة للسلام أم خدعة تكتيكية؟