في الوقت الذي تحقق فيه الصومال تقدمًا عسكريًا ملحوظًا في مكافحة الإرهاب، خاصة ضد عناصر تنظيم داعش في بونتلاند، يلقي الانقسام السياسي في الصومال بظلاله على المشهد الوطني، وتعرقل جهود الحكومة في إحلال الاستقرار وتعزيز الأمن.
نفذت القيادة الأمريكية في أفريقيا بالتعاون مع الحكومة الفيدرالية الصومالية غارة جوية فجر الأحد استهدفت مواقع لتنظيم داعش في المناطق الجبلية بولاية بونتلاند شمال شرق الصومال. ووفقًا لبيان رسمي صادر عن وزارة الدفاع، أسفرت العملية عن خسائر كبيرة في صفوف التنظيم، دون الإعلان عن أرقام دقيقة.
تأتي هذه الضربات ضمن إطار عملية “البرق” المستمرة، والتي تقودها قوات بونتلاند بهدف تفكيك خلايا الإرهاب، لاسيما في إقليم بري. وتعد هذه العملية العسكرية مؤشرًا على استمرار الضغط الأمني ضد الجماعات الإرهابية، رغم الأزمات السياسية الداخلية التي تعيشها البلاد.
الانقسام السياسي في الصومال يهدد المسار الأمني
بالتزامن مع التصعيد الأمني، يشهد المشهد السياسي الصومالي توترًا متصاعدًا قبل انطلاق جلسات المجلس الاستشاري الوطني في مقديشو، اليوم الإثنين، حيث من المتوقع مناقشة قضايا مصيرية أبرزها الإصلاح الدستوري والانتخابات.
غياب ولايتي بونتلاند وجوبالاند عن أعمال المجلس يعكس حجم التباين داخل النظام الفيدرالي، ويضع العراقيل أمام بناء توافق سياسي مطلوب لإنجاح العمليات الأمنية وتعزيز سيادة الدولة.
مشاركة ولاية “خاتمة” خطوة إيجابية وسط تعقيدات الخريطة الفيدرالية
في تطور سياسي بارز، تشارك ولاية خاتمة لأول مرة في المجلس بعد وصول رئيسها عبد القادر أحمد إلى مقديشو. ورغم أن هذه الخطوة تمثل انفتاحًا على إشراك مناطق جديدة في العملية السياسية، إلا أنها تكشف أيضًا عن تعقيدات الخريطة الفيدرالية وتباين أولويات الولايات، وهو ما يعمق فجوة الانقسام السياسي في الصومال.
جهود الأمم المتحدة لحل الأزمة السياسية في الصومال
يحاول المجتمع الدولي بقيادة الأمم المتحدة دعم جهود التقارب بين الأطراف الصومالية. وبهذا السياق، كثّف المبعوث الأممي، جيمس سوان، من جولاته على الولايات الفيدرالية لمعالجة الملفات الخلافية. ويؤكد مراقبون أن استمرار الانقسام السياسي في الصومال سيُعرقل مكافحة الإرهاب، ويهدد المكاسب الأمنية التي تحققت مؤخرًا في مواجهة تنظيم داعش.
غياب التنسيق السياسي يُربك استراتيجية مكافحة الإرهاب في الصومال
يرى محللون أن غياب التنسيق الفعّال بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وبعض الولايات، مثل بونتلاند وجوبالاند، يُعرّض استراتيجية مكافحة الإرهاب في الصومال للخطر. فرغم الجهود العسكرية الحثيثة، يبقى الانسجام السياسي عنصرًا حاسمًا لضمان الاستقرار الدائم، خصوصًا في المناطق التي تنشط فيها الجماعات المتطرفة.
تُظهر التطورات الأخيرة أن البلاد تقف على مفترق طرق حساس، بين تعزيز الأمن في الصومال وبين استمرار الانقسام السياسي. ويخشى المراقبون من أن يؤدي أي تأجيل في التفاهمات السياسية أو فشل المجلس الاستشاري الوطني إلى انتكاسات أمنية، خاصة في ظل التهديدات المتكررة من تنظيم داعش في الصومال.
في ظل هذا المشهد المعقد، تتعالى الدعوات من النخب السياسية والدينية ومنظمات المجتمع المدني لتغليب المصلحة الوطنية في الصومال على الحسابات الفئوية والجهوية، وتكثيف الجهود لإنهاء الانقسام السياسي في الصومال وتوفير بيئة موحدة لدعم مكافحة الإرهاب واستكمال مشروع بناء الدولة الفيدرالية.
تعرف المزيد على: رئيس الوزراء الصومالي يفتتح المؤتمر الوطني للاستثمار الغذائي والزراعي في مقديشو