في عالم تتغير فيه موازين القوى والتحالفات بسرعة، تبرز بعض الشراكات كأنموذج للثقة المتبادلة والرؤية المستقبلية. ووسط التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها منطقة القرن الإفريقي، تعود الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي إلى الواجهة، لتُشكّل ركيزة مهمة في مسار إعادة بناء الدولة الصومالية وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي. في هذا التقرير، نكشف تفاصيل هذا اللقاء الذي قد يُعيد رسم ملامح المرحلة القادمة.
اجتمع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود، الأربعاء، بوفد رفيع المستوى من الاتحاد الأوروبي، لبحث سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي، بما يخدم تطلعات البلاد في الاستقرار والتنمية.
وأعرب الرئيس الصومالي، خلال اللقاء الذي نقلت تفاصيله وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (صونا)، عن تقديره العميق للدور المحوري الذي يؤديه الاتحاد الأوروبي في دعم الصومال، خاصة في ما يتعلق بترسيخ النظام الفيدرالي، وإعادة بناء مؤسسات الدولة.
وأشار الرئيس حسن شيخ محمود إلى أن المرحلة الحالية تتطلب تضافر الجهود الدولية والمحلية لتثبيت أركان الدولة، مشددًا على أن الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي كانت دائمًا عاملًا مهمًا في إنجاح العديد من المبادرات الوطنية، من دعم الاقتصاد إلى تأهيل الكوادر الحكومية، وتعزيز قدرات الجيش الوطني.
التزام صومالي بالتعاون والشراكات المستدامة
من جهته، أكد الرئيس التزام الحكومة الفيدرالية بتعزيز علاقاتها مع الشركاء الدوليين، وعلى رأسهم الاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن هذه العلاقات ترتكز على مبادئ الشفافية والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل.
وأضاف أن بلاده تسعى لبناء شراكات دولية قائمة على الاستدامة، من شأنها أن تساهم في تحقيق وحدة البلاد، ودفع عجلة التنمية، وتحقيق تطلعات الشعب الصومالي في الاستقرار والازدهار.
ويأتي هذا اللقاء في إطار رؤية الحكومة الصومالية لتوسيع نطاق التعاون مع الشركاء الدوليين في ملفات متعددة تشمل: الأمن، الاقتصاد، التعليم، والحوكمة، بما يحقق الأهداف الوطنية المنصوص عليها في خطة التنمية الوطنية 2025.
أهمية الدعم الأوروبي في ظل التحديات الأمنية والاقتصادية
تشكل الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي ركيزة أساسية لمواجهة التحديات الكبيرة التي تمر بها البلاد، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب، والتصدي لحركة الشباب المتطرفة، التي لا تزال تهدد الأمن والاستقرار في مناطق عدة بالصومال.
وساهم الاتحاد الأوروبي، خلال السنوات الماضية، في دعم قطاعي الأمن والصحة، وموّل برامج تعليمية وتنموية في مناطق مختلفة من البلاد، كما دعم قوات الأمن الصومالية من خلال برامج تدريب ومساعدات لوجستية، مما يعكس حجم العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين.
ويُعد هذا اللقاء تتويجًا لسلسلة من اللقاءات والمشاورات التي تسعى لتطوير العلاقة بين مقديشو وبروكسل، خاصة بعد إطلاق عدد من المبادرات المشتركة لدعم الاستقرار السياسي والإصلاح الإداري.
دعم أوروبي متواصل يعكس التزامًا طويل الأمد
لطالما كان الاتحاد الأوروبي من أبرز الداعمين لمسيرة الاستقرار والتنمية في الصومال، إذ يقدم دعماً متواصلاً في مجالات متعددة تشمل الأمن، التنمية المؤسسية، تعزيز الحكم الرشيد، والتعليم. ويُعد هذا الالتزام المتجدد في اللقاء الأخير بمثابة رسالة واضحة بأن الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي لا تقتصر على الدعم المالي فحسب، بل تمتد لتشمل بناء القدرات، وتحقيق التكامل في السياسات، وخلق بيئة ملائمة للنمو الشامل. وتؤكد هذه الشراكة أن الصومال شريك فاعل في محيطه الإقليمي، ومفتوح أمام التعاون الدولي الذي يخدم مصالحه الوطنية.
الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي خطوة نحو المستقبل
في ظل التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة، تبرز الشراكة الاستراتيجية بين الصومال والاتحاد الأوروبي كنموذج ناجح للتعاون الدولي. ويؤكد هذا اللقاء بين الرئيس الصومالي ووفد الاتحاد الأوروبي على استمرار التزام الطرفين بتعزيز العلاقات، ودفع عجلة الإصلاح والتطوير نحو مستقبل أكثر إشراقًا لصومال ينعم بالسلام والتقدم.
تعرف المزيد على: هل تعود العلاقات الصومالية الإيطالية إلى مجدها السابق؟