في وقت تشهد فيه الساحة الدولية العديد من الأزمات، تحذر تقارير من أن التنظيمات الإرهابية في الصومال قد بدأت تتحرك مجددًا مستغلة حالة الاضطراب العالمي. فهل تعود هذه الجماعات المتطرفة لتشكّل تهديدًا كبيرًا للأمن الإقليمي والدولي؟
تحركات مقلقة وتصعيد جديد
حذّر مرصد الأزهر لمكافحة التطرف من أن التنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم داعش و”حركة الشباب”، بدأت تستثمر في حالة التوترات والاضطرابات العالمية لإعادة تنظيم صفوفها داخل الصومال. ووصف المرصد المرحلة التي تمر بها البلاد بأنها من “أصعب المراحل التاريخية” في معركتها ضد الإرهاب.
هذا التحذير جاء بعد تصريحات لافتة للجنرال مايكل لانجلي، قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا “أفريكوم”، الذي أكد أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ أن داعش قد نقل مقره العملياتي العالمي إلى الصومال، معتبرًا أن هذا يمثل تصعيدًا كبيرًا في التهديد الإرهابي في القارة.
مواقف دولية وتحركات ميدانية
ردًا على هذه التهديدات، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب غارات جوية استهدفت أهدافًا إرهابية داخل الصومال. وفي منشور له على منصة Truth Social، أكد ترامب أن الوقت قد حان ليختبئ الإرهابيون، مشيرًا إلى أن القوات الأمريكية ستواصل عملياتها لاستئصال الإرهاب من جذوره، مع التشديد على استمرار دعم بلاده للشعب الصومالي.
وتزامن ذلك مع تصعيد ميداني على الأرض، حيث هاجمت حركة الشباب الإرهابية بلدة أدن يابال الاستراتيجية الواقعة وسط البلاد، ما أثار مخاوف واسعة في مقديشو ومحيطها. البلدة تُستخدم كنقطة انطلاق أساسية للجيش الصومالي ضد المسلحين، ويبدو أن السيطرة عليها تمثل هدفًا استراتيجيًا للحركة.
زار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بلدة أدن يابال في مارس الماضي، مؤكداً دعمه للقوات العسكرية في حربها ضد “حركة الشباب”. وأشار مرصد الأزهر إلى أن الصومال تمر بمرحلة حساسة في تاريخ مواجهتها للإرهاب، مع تراجع الدعم الإقليمي وتصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية.
بين الواقع والمواجهة..ما المطلوب؟
وفقًا لمرصد الأزهر، فإن الموقف الأمني في الصومال يتطلب تكثيف الجهود الميدانية والفكرية. على المستوى العسكري، يجب دعم القوات النظامية وتعزيز قدراتها الاستخباراتية والتسليحية. أما على المستوى الفكري، فيتوجب مواجهة الفكر المتطرف بخطاب توعوي بديل، وتصحيح المفاهيم التي تستغلها التنظيمات الإرهابية لتجنيد الشباب.
كما شدد على أن التعاون بين المواطنين والأجهزة الأمنية هو أحد أهم محاور النجاح في المعركة ضد التنظيمات الإرهابية، داعيًا المجتمع الدولي إلى عدم التراخي في دعم الصومال في هذه المرحلة الحساسة، خصوصًا مع تراجع بعض القوى الإقليمية عن دورها في مكافحة الإرهاب هناك.
التهديدات المتصاعدة في الصومال لا يمكن قراءتها بمعزل عن المشهد الإقليمي والدولي، خاصة مع استغلال الجماعات الإرهابية لحالة الفوضى العالمية لإعادة ترتيب أوراقها. وتظل المواجهة متعددة الأبعاد، عسكرية وفكرية وتنموية، هي السبيل الوحيد لضمان استقرار الصومال ومنع تحوله مجددًا إلى بؤرة للإرهاب العالمي.
تعرف المزيد على: هل تهدد الأزمة المالية مصير الأمن في الصومال؟