ترامب يهين دولة الصومال، عاد الجدل السياسي بين مقديشو وواشنطن إلى الواجهة بعد التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي وصفت في الصومال بأنها مسيئة وغير مقبولة. وفي سياق الرد الرسمي، شدد وزير الدفاع الصومالي أحمد معلم فقي على أن الشعب الصومالي لن يقبل أي محاولة للتقليل من شأنه أو الانتقاص من تاريخه وصموده. وتأتي هذه المواقف بعد كلمة لترامب في ولاية بنسلفانيا تضمنّت أوصافاً اعتبرتها مقديشو إهانة مباشرة لبلد عربي إفريقي له تاريخ طويل في مواجهة التحديات. وقد جاء رد الوزير الصومالي حاسماً، مؤكداً أن “ترامب يهين دولة الصومال” لكنه لن ينجح في النيل من روح هذا الشعب.
تصريحات ترامب المثيرة للجدل

أثناء تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، تحدث ترامب عن الهجرة من دول العالم الثالث بطريقة أثارت انتقادات واسعة. وقال إن الولايات المتحدة “تستقبل باستمرار أشخاصاً من الصومال”، واصفاً البلاد بأنها “قذرة ومقززة ومليئة بالجريمة”، قبل أن يضيف أن الصوماليين “يجيدون فقط ملاحقة السفن” في إشارة إلى نشاطات القرصنة التي نشطت قبالة سواحل البلاد خلال سنوات الفوضى الأمنية. وقد أثارت هذه العبارات غضباً واسعاً داخل الصومال وخارجه، لأنها تعيد إنتاج صور نمطية مشوهة، وتتجاهل التحولات الكبرى التي شهدتها البلاد خلال الأعوام الماضية. وفي هذا السياق شدد فقي على أن “ترامب يهين دولة الصومال” عبر استدعاء روايات لا تعبّر عن الواقع الراهن.
رد الوزير الصومالي وتأكيد الصمود
وزير الدفاع الصومالي أحمد معلم فقي، وفي رسالة رسمية لوكالة رويترز، اعتبر أن مثل هذه التصريحات تمثل انشغالاً غير مبرر بالشؤون الصومالية في وقت يفترض أن يركز فيه الرئيس الأميركي على تنفيذ تعهداته لشعبه. وقال فقي إن الشعب الصومالي معروف بعمله الجاد وبقدرته على تجاوز الصعوبات، وأنه صمد أمام محاولات عديدة لنفي وجوده أو إضعافه. وأشار إلى أن الصوماليين واجهوا الحروب والنزاعات والإرهاب، لكنهم نجحوا في البقاء وإعادة بناء مؤسساتهم تدريجياً. وأضاف الوزير أن “ترامب يهين دولة الصومال”، لكن ذلك لن يؤثر على حقيقة أن الشعب يمتلك قدرة استثنائية على النهوض من الأزمات مهما تعاظمت التحديات.
الهجرة والسياسة الأميركية

في تصريحاته الأخيرة، عاد ترامب للتذكير بنيته وقف الهجرة من دول العالم الثالث، وهو الموقف الذي كان قد تبناه منذ حملته الانتخابية الأولى. كما هدد بإلغاء “ملايين” الطلبات التي تم قبولها في عهد الرئيس السابق جو بايدن، ملوحاً بترحيل أي شخص لا يقدم “قيمة إضافية” للولايات المتحدة. هذه اللغة أثارت مخاوف بين الجاليات الإفريقية والعربية، خصوصاً أنها تتناول قضايا إنسانية معقدة بنبرة وصفت بأنها متشددة ومهينة. وفي هذا الإطار، يرى فقي أن “ترامب يهين دولة الصومال” من خلال ربطها بملفات الهجرة والجريمة، متجاهلاً الجوانب التنموية التي تعمل عليها الحكومة الصومالية بدعم شركائها.
بين الرفض والتقدير

ورغم رفضه القاطع لتصريحات ترامب، عبّر الوزير الصومالي عن امتنانه للولايات المتحدة لدعمها العسكري في مواجهة الجماعات المتشددة المرتبطة بتنظيم القاعدة. وأكد أن التعاون الأمني بين البلدين مهم، لكنه لا يعني التزام الصمت حيال أي إساءة موجهة للشعب الصومالي. وأضاف أن الصومال ستستمر في تعزيز علاقتها مع واشنطن على أساس الاحترام المتبادل، لا على أساس التوصيفات التي اعتبرها مهينة وغير مسؤولة. وهنا أعاد فقي التأكيد مرة أخرى على أن “ترامب يهين دولة الصومال”، لكن موقف بلاده ثابت في الدفاع عن كرامة مواطنيها مهما كان مصدر الانتقاد.
لمعرفة المزيد: ترامب يعلن الاستيلاء على ناقلة نفط قبالة فنزويلا
تجدد الأزمة وحساسية الخطاب السياسي
تجدد الأزمة الكلامية بين مقديشو وترامب يسلط الضوء على حساسية الخطاب السياسي وتأثيره على العلاقات الدولية. وبينما تستمر الإدارة الصومالية في بناء تحالفاتها الأمنية، فإنها في الوقت نفسه تصر على رفض أي خطاب ينتقص من مكانتها. ومع التوترات المتكررة، يبقى العنوان الأبرز هو أن ترامب يهين دولة الصومال، لكن الصومال بشعبه ومؤسساته مستمر في تأكيد وجوده وقدرته على تجاوز الإساءات والتحديات.
