تشكل سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان، نقطة تحول كبرى في مسار الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف، لما تحمله هذه المنطقة من وزن اقتصادي وعسكري وجيوسياسي. فعلى خلاف معارك بابنوسة العنيفة، جاءت السيطرة على هجليج دون قتال يذكر بعد انسحاب الجيش من مقر اللواء 90 وتوجهه إلى جنوب السودان، وهو انسحاب فسر بأنه إعادة تموضع فرضتها ضغوط ميدانية متتالية.
أهمية هجليج الاستراتيجية

تقع هجليج على تخوم جنوب السودان بالقرب من أبيي المتنازع عليها، وعلى محور حساس يربط كردفان بطرق الإمداد الحيوية. ولهذا السبب فإن سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان، لأنها لا تمثل مجرد تقدم ميداني، بل تحولًا في السيطرة على واحدة من أهم نقاط الثقل الاقتصادي في البلاد. المنطقة تضم 75 حقلًا نفطيًا، أبرزها “مربع 6”، الذي يعد آخر حقول السودان إنتاجًا قبل توقفه الكامل.
ضرب الاقتصاد السوداني في عمقه
أدى خروج العاملين من الحقول وإيقاف الآبار ومحطة المعالجة المركزية إلى توقف كامل لإنتاج السودان النفطي، المقدر بين 30 و40 ألف برميل يوميًا. يضاف إلى ذلك توقف معالجة ونقل 50 ألف برميل من نفط جنوب السودان الذي يمر عبر هجليج. ولذلك فإن سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان، عبر تجفيف أهم موارد الحكومة المالية تقريبًا، وحرمانها من شريان نقدي كانت تعتمد عليه في مواجهة تكاليف الحرب. هذا التوقف لا يهدد الخرطوم وحدها، بل يطال جوبا التي تعتمد على المعالجة والضخ عبر الأراضي السودانية، بما يجعل الأزمة ذات امتداد إقليمي عميق.
تغيير قواعد اللعبة العسكرية

يرى محللون عسكريون أن هذا التطور يمثل نقطة انعطاف في مسار المواجهات. فبعد السيطرة على بابنوسة، أسهم التقدم إلى هجليج في فتح خطوط اتصال آمنة بين قوات الدعم السريع وحليفها الحركة الشعبية شمال في جنوب كردفان، الأمر الذي قد يتيح توسيع العمليات باتجاه كادقلي وربما شمال كردفان. وبذلك فإن سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان، لأنها تحول القتال من الأطراف إلى “الشريان الاقتصادي للدولة”، كما قال محللون للجزيرة وبي بي سي، وتمنح الدعم السريع قدرة على الضغط السياسي والاقتصادي معًا.
تداعيات دولية وقلق الشركات الأجنبية

لم تتأخر شركة النفط الوطنية الصينية في إعلان نيتها إنهاء شراكتها النفطية مع السودان بعد ثلاثة عقود، مستندة إلى “القوة القاهرة” وغياب الأمن. هذا الانسحاب، إن تم، يمثل خسارة استراتيجية كبيرة، إذ كانت الشركات الصينية عمود الصناعة النفطية السودانية. هنا يظهر بوضوح كيف أن سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان عبر دفع المستثمرين الدوليين لمغادرة البلاد، وتفريغ أحد أهم القطاعات الإنتاجية من خبراته وإمكاناته.
رسائل سياسية من الدعم السريع
في بيانها، أكدت قوات الدعم السريع أنها ستؤمن المنشآت النفطية “حفاظًا على مصالح جنوب السودان”، وهي رسالة سياسية تتجاوز بعدها العسكري. فالسيطرة، كما يقول محللون، تمنحها ورقة ضغط على الخرطوم وعلى جوبا في آن واحد، فضلًا عن تحسين موقعها التفاوضي في أي حل سياسي قادم. وهكذا تصبح سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان لأنها تنقل الصراع من مرحلة كسب الأراضي إلى مرحلة التحكم في الموارد، وهو تطور يغير ميزان القوى بصورة غير مسبوقة.
لمعرفة المزيد: تصاعد الضربات الأمريكية في الصومال: 2025 يسجل ذروة جديدة في العمليات الجوية
تأثيرات داخلية وخارجية
التهديد الذي تمثله الطائرات المسيرة التابعة للدعم السريع، والتي استهدفت جزءًا من منشآت هجليج قبل الانسحاب يشير إلى مرحلة جديدة من الصراع، مرحلة تركز على ضرب العصب الاقتصادي بدل الاكتفاء بالمدن والمقار العسكرية. وبذلك، فإن سيطرة الدعم السريع على هجليج تغير معادلة الحرب في السودان داخليًا عبر إضعاف قدرة الدولة على تمويل الحرب، وخارجيًا عبر دفع جوبا والشركات النفطية والدول المجاورة إلى إعادة حساباتها الأمنية والاقتصادية.
