زيادة مقلقة في سرطان، يشهد المجتمع الطبي في الولايات المتحدة حالة من الحيرة والدهشة إزاء تزايد لافت في نوع نادر جداً من السرطان بين الفئات الشابة، في ظاهرة لم تكن مألوفة قبل عقود قليلة. وتشير الدراسات الحديثة إلى أن سرطان الزائدة الدودية، الذي كان لسنوات طويلة يُشخَّص في الغالب لدى كبار السن، بات يظهر اليوم لدى واحد من كل ثلاثة مرضى تحت سن الخمسين.
في مؤشر يعمّق المخاوف ويؤكد الارتفاع المقلق في السرطانات النادرة بين الأجيال الشابة.
هذا التحول الدراماتيكي دفع الأوساط الطبية إلى إعادة النظر في المسلّمات الصحية المتعلقة بهذا العضو الصغير الذي كان يُعتبر لفترة طويلة بلا وظيفة واضحة.
جيل جديد وخطر مضاعف

أظهرت دراسة حديثة أن أفراد الجيل إكس والجيل الألفي أكثر عرضة للإصابة بسرطان الزائدة الدودية بثلاثة إلى أربعة أضعاف مقارنة بالأجيال الأكبر سناً. ويبدو أن الارتفاع المقلق في السرطانات النادرة بين الأجيال الشابة ليس مجرد حدث عابر، بل اتجاه متسارع بدأ يتضح منذ سنوات.
وتقود عالمة الأوبئة أندريانا هولووتيج من جامعة فاندربيلت سلسلة من الدراسات التي تعمقت في هذا اللغز. وقد كشفت عام 2020 أن معدلات الإصابة بسرطان الزائدة الخبيث ارتفعت بنسبة 232% بين عامي 2000 و2016، وهي زيادة شملت جميع الفئات العمرية، إلا أنها كانت أكثر وضوحاً بين الأصغر سناً. هذا التغير يقف خلفه مزيج معقد من الغموض الطبي والعوامل البيئية التي لم تُفهم بعد بشكل كامل.
مرض خفي وأعراض مضللة
تُعد الزائدة الدودية عضواً صغيراً ظلت وظيفته محل جدل طويل، لكن العلم الحديث أثبت أنها ليست عديمة الأهمية. ورغم أن التهاب الزائدة هو الشكل الأكثر شيوعاً، فإن اكتشاف السرطان غالباً ما يأتي بالصدفة أثناء استئصالها لأسباب أخرى.
وتكمن خطورة هذا النوع من السرطانات في أن أعراضه غامضة وغير مميزة، حيث تتشابه مع مشكلات هضمية شائعة مثل ألم البطن والانتفاخ، أو حتى مع أعراض سرطانات القولون والمستقيم. وهذا التشابه يؤدي إلى تأخر التشخيص، وتالياً إلى اكتشاف الحالات في مراحل متقدمة.
زيادة مقلقة في سرطان: نادر بين الشباب والعلماء يبحثون عن تفسير

وتشير هولووتيج إلى ضرورة عدم التهاون مع أعراض مستمرة، مؤكدةً أن الارتفاع المقلق في السرطانات النادرة بين الأجيال الشابة يجب أن يكون دافعاً إضافياً للأطباء لتوخي الحذر.
وما يزيد الأمر تعقيداً هو غياب إرشادات فحص رسمية لهذا المرض، خصوصاً مع اعتماد بعض الأطباء على علاج التهاب الزائدة بالمضادات الحيوية بدلاً من الجراحة، مما يساهم أحياناً في تفويت حالات سرطانية مبكرة. كما يمكن أن يختلط المرض بأعراض أورام ليفية أو أكياس أو آفات رحمية لدى النساء، مما يزيد فرص التأخير في التشخيص.
اتجاه عالمي يثير القلق
لا تتوقف الظاهرة عند الولايات المتحدة فقط، بل تمتد إلى دول عديدة حول العالم. فالدراسات الدولية تشير إلى ارتفاع وصل إلى 80% في بعض أنواع السرطان لدى الأشخاص دون سن الخمسين خلال ثلاثة عقود. ويشمل هذا الارتفاع بشكل خاص سرطانات الجهاز الهضمي.
وعلى رأسها الأمعاء، الزائدة الدودية، القناة الصفراوية، والبنكرياس، مما يعزز حقيقة الارتفاع المقلق في السرطانات النادرة بين الأجيال الشابة على المستوى العالمي.
ويرجح الباحثون أن يكون نمط الحياة الحديث أحد أكبر المشتبه بهم، بما في ذلك الإفراط في تناول الأطعمة فائقة المعالجة، وقلة النوم، وتراجع النشاط البدني، بالإضافة إلى التعرض المتزايد للمواد الكيميائية. كما يرى بعض الأطباء أن العوامل التي ترفع معدلات سرطان القولون لدى الشباب قد تكون هي نفسها التي تزيد معدلات سرطان الزائدة.
لمعرفة المزيد: عمليات ICE تستهدف المهاجرين الصوماليين في توأم المدن
صورة خاتمة زيادة مقلقة في سرطان

وخلال السنوات الأخيرة، أكد الجراح ستيفن آرندت من جامعة كولورادو أن رؤية حالات متقدمة من هذا السرطان لدى أشخاص في العشرينات والثلاثينات لم تعد استثناءً، بل أصبحت جزءاً من واقع جديد يفرض نفسه بقوة، ويذكّر مجدداً بـ الارتفاع المقلق في السرطانات النادرة بين الأجيال الشابة.
ومع تسجيل نحو 3000 إصابة سنوياً فقط، يبقى سرطان الزائدة واحداً من أقل السرطانات بحثاً، رغم أن الأرقام الجديدة تفرض ضرورة مراجعة التعامل معه، وتطوير أساليب فحص وتشخيص أكثر دقة.
