يشهد المشهد السياسي في أرض الصومال توترًا لافتًا بعد أن برز خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال، الحزب الحاكم الذي كان ينظر إليه، لسنوات بوصفه أكثر التنظيمات السياسية انسجامًا وقدرة على ضبط خلافاته الداخلية. غير أن الأحداث الأخيرة أظهرت اهتزازًا واضحًا في بنيته القيادية، بعد خروج نائب رئيس الحزب عبد الله عبدي هرسي (أودا) بإعلان صريح عن رفضه لقرارات رئيس الحزب ورئيس مجلس النواب يعقوب عبد الكريم علي.
مقدمة الخلاف

منذ اللحظة الأولى، بدا أن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال ليس مجرد اختلاف عابر حول موقع أو منصب، بل هو مؤشر على أزمة ثقة متبادلة بين أقطاب أساسية داخل الحزب. فإعلان أودا عن نفسه “قائمًا بأعمال رئيس الحزب” ثم تأكيده أن منصب رئيس الحزب يعتبر شاغرًا، كشف عمق الشرخ وأعطى الصراع بعدًا مؤسسيًا يهدد بنية الحزب الحاكم من الداخل.
كيف تطورت الخلاف

ومع تطور الأحداث، اتضح أن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال أصبح أكثر تعقيدًا بعد أن أصدر أودا قائمة طويلة من القيادات التي تم إعفاؤها بما في ذلك أعضاء المجلس التنفيذي والمكتب السياسي والسكرتارية العامة — قبل أن يعلن بنفسه تعيين شخصيات جديدة للمهام العليا. هذه الخطوة التي وُصفت داخل أوساط المراقبين بأنها “انقلاب إداري”، بدت كخارطة طريق موازية لإعادة تشكيل الحزب وفق رؤية جناح محدد، في الوقت الذي يواصل فيه يعقوب عبد الكريم وعليّون آخرون رفض القرارات واعتبارها فاقدة للشرعية.
دور المحللون

ويشير محللون إلى أن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال قد يخرج عن كونه أزمة داخلية ليتحول إلى معركة تأثير على مستقبل المشاركة السياسية والاستقرار في المنطقة، خصوصًا أن الحزب الحاكم يمثل العمود الفقري للهيكل السياسي في أرض الصومال. فالتجارب السياسية في المنطقة تُظهر أن اهتزاز الأحزاب الحاكمة ينعكس مباشرة على الوضع الأمني والإداري، تمامًا كما حدث سابقًا في حالات مشابهة في القرن الإفريقي.
وعلى المستوى الشعبي، بدأت الأصوات تتساءل: ما الذي يدفع قيادة حزب تاريخي مثل كلميه للدخول في صدام علني بهذا الشكل؟ يرى عدد من المواطنين والناشطين أن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال يعكس تراكمات قديمة تتعلق بإدارة النفوذ، وطريقة اختيار المرشحين، وشبكات الولاءات، وهي أمور بقيت لسنوات تحت السطح دون معالجة حقيقية. فغياب آليات ديمقراطية داخلية متينة يُسهّل انفجار التوترات عند أول اختبار.
دور المصادر الاعلامية
وفي سياق متصل، كشفت مصادر إعلامية أن محاولات للوساطة جرت خلال الأيام الماضية بين الطرفين، إلا أن جميع المبادرات اصطدمت بتمسّك كل جناح بموقفه. ويرى مراقبون أن طبيعة خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال لا تتعلق فقط بالأسماء، بل بمن سيملك زمام الحزب خلال المرحلة المقبلة، وخصوصًا مع اقتراب الاستحقاقات السياسية التي تتطلب وحدة تنظيمية قوية.
كيف تصعد المشهد؟
اللافت أيضًا أن طريقة تصعيد الأزمة أظهرت تحولًا في لغة الخطاب السياسي. فقد بدا أن البيانات الرسمية الصادرة من الجانبين تحمل نبرة قطيعة أكثر من كونها محاولة لتقليل الخسائر أو حماية سمعة الحزب. وهذا ما يفتح الباب أمام سؤال أكبر: هل يمكن للحزب تجاوز هذه الأزمة، أم أن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال سيتحوّل إلى انقسام كامل يقود لتأسيس جناحين منفصلين أو حزب جديد ينشق من رحم كلميه؟
من الناحية القانونية، أثارت الأزمة جدلًا حول مشروعية القرارات التي أصدرها كل طرف. فعدم وجود جهة عليا توافقية داخل الحزب للفصل في النزاع يترك الساحة مفتوحة للتفسيرات المختلفة، وهو ما يضيف مزيدًا من التعقيد. ووفق محللين، فإن الطرف الذي سيتمكن من حشد دعم مؤسساتي وشعبي أكبر سيكون الأقرب لترسيخ شرعيته، في حين سيجد الطرف الآخر نفسه محاصرًا أمام أمر واقع يفرضه موازين القوى داخل الميدان السياسي.
مراقبة الخبراء عن المشهد

ويرى خبراء في الشأن الصوماليلاندي أن مستقبل الحزب سيتحدد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، خصوصًا إذا استمرت حالة التشظّي الحالية. ففي ظل ضعف البنية الحزبية في المنطقة عمومًا، تؤدي الانقسامات دائمًا إلى اهتزاز البيئة السياسية، وبالتالي فإن خلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الأحزاب في الإقليم على إدارة خلافاتها عبر الطرق الديمقراطية بدلاً من تفجيرها إلى صراع مفتوح.
ومع ذلك، فإن بعض الأصوات المتفائلة ترى أن الأزمة رغم حدّتها قد تشكّل فرصة لإعادة الهيكلة وإصلاح الثغرات التي ظهرت خلال السنوات الماضية. فإذا تمكنت قيادات الحزب من الجلوس إلى طاولة حوار شفاف، فقد يتحول هذا الخلاف داخل قيادة حزب كلميه في أرض الصومال إلى نقطة بداية لمرحلة أكثر نضجًا، تُعاد فيها صياغة اللوائح الداخلية وتفعيل آليات المحاسبة والتنظيم.
لمعرفة المزيد: أوزبكستان ترحب بأول سفير لصوماليا: خطوة جديدة لتعزيز التعاون الثنائي
هل سيستطيع حزب كلميه تجاوز هذه العاصفة؟
وفي نهاية المطاف، يظل السؤال الأهم: هل سيستطيع حزب كلميه تجاوز هذه العاصفة كما فعل في أزمات سابقة، أم أن الأوضاع الحالية تمثل بداية منعطف جديد في التاريخ السياسي لأرض الصومال؟ الأيام المقبلة وحدها ستكشف الاتجاه الذي سيمضي إليه هذا الصراع.
