البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص على لسان رئيس البنك الإفريقي للتنمية، سيدي ولد الطاي، الذي شدّد على أن القارة أصبحت بحاجة ماسّة إلى مضاعفة جهودها لتعبئة رأس المال الخاص، في ظل فجوة تمويلية تتجاوز مئات المليارات وتعرقل تنفيذ مشاريع البنية التحتية والتنمية المستدامة. وجاء هذا الخطاب خلال افتتاح منتدى الاستثمار الإفريقي 2025 في العاصمة المغربية الرباط، المنعقد تحت شعار: “سد الفجوة: تعبئة رأس المال الخاص لإطلاق الإمكانات الكاملة لأفريقيا”.
وفي كلمته، أكد ولد الطاي أن الدعوة الى البنك الإفريقي الى التسريع التعبئة رأس المال الخاص ليست مجرد رسالة عابرة، بل هي نداء استراتيجي موجه للحكومات وصانعي القرار في القارة، بهدف خلق بيئة استثمارية جديدة ومتطورة قادرة على استقطاب القطاع الخاص وتعظيم دوره في المشاريع القارية.
أولويات استراتيجية للتمويل القاري

استعرض البنك الإفريقي أربع أولويات رئيسية قال إنها تشكل العمود الفقري لرؤية البنك الإفريقي
وتشمل هذه الأولويات مضاعفة رأس المال الاستثماري باستخدام أدوات مالية مبتكرة قادرة على مضاعفة كل دولار مستثمر بما يصل إلى عشر مرات، الأمر الذي يساعد على تعظيم مساهمة القطاع الخاص في مشاريع التنمية الكبرى داخل القارة. ويرى البنك أن التمويل التقليدي لم يعد كافياً، وأن ابتكار أدوات جديدة لتعبئة الاستثمارات هو الطريق الأكثر واقعية لضمان تحقيق الأهداف التنموية.
إصلاح عميق للنظام المالي في القارة

وأوضح ولد الطاي أن الدعوة الى البنك الإفريقي الذي دعاء أفريقيا لتسريع تعبئة رأس المال الخاص تستند إلى رؤية أشمل لإعادة بناء الهيكل المالي الإفريقي، عبر اعتماد نظام ثلاثي المستويات: الوطني، الإقليمي، والقاري. ويهدف هذا الإصلاح إلى توحيد الجهود وتحسين التنسيق بين المؤسسات المالية وإزالة العقبات التي تعيق انسياب رؤوس الأموال.
ويرى البنك الإفريقي أن هذا الإصلاح سيكون له أثر مباشر على تحسين مناخ الأعمال، ورفع ثقة المستثمرين، وتعزيز قدرة الدول على جذب التمويل المستدام، خاصة في القطاعات الحيوية.
القوة الديموغرافية: مورد لم يُستثمر بعد

أحد المحاور الأساسية التي تناولتها الافتتاحية: البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص كان التركيز على الإمكانات البشرية للمنطقة.
فالقارة تمتلك واحدة من أسرع التجمعات السكانية نمواً في العالم، ومع ذلك فإن الاستفادة من هذه القوة لا تزال محدودة.
وفي هذا السياق، أكد البنك ضرورة الاستثمار في التعليم، والمهارات التقنية، وريادة الأعمال، لاسيما بين الشباب والنساء، مشيراً إلى أن الاقتصاد الرقمي والقطاعات العلمية يمكن أن تتحول إلى محركات اقتصادية ضخمة في حال تم دعمها بالشكل الصحيح.
البنية التحتية: حجر الأساس للتنمية
ركزت الافتتاحية: البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص أيضاً على ضرورة الدفع ببناء وتحديث البنية التحتية في مجالات الطاقة، النقل، اللوجستيات، الاتصالات، والبنية الرقمية.
وشدد البنك على أن القيمة المضافة للموارد الطبيعية الأفريقية يمكن أن تتضاعف عبر الاستثمار في التصنيع المحلي، بدلاً من تصدير المواد الخام كما هو معتاد.
وأكد ولد الطاي أن تعزيز البنية التحتية ليس خياراً، بل هو ضرورة ملحة لضمان قدرة القارة على الاندماج في النظام الاقتصادي العالمي.
التجربة المغربية نموذجاً للتوجه الجديد

وفي الجلسة الافتتاحية، قدّمت وزيرة الاقتصاد والمالية المغربية، نادية الفتاح العلوي، مثالاً عملياً على كيفية تطبيق مبادئ الافتتاحية: البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص عبر السياسات الوطنية.
إذ أوضحت أن المغرب يسعى إلى رفع نصيب الاستثمار الخاص ليصل إلى ثلثي إجمالي الاستثمار الوطني بحلول عام 2035، مستنداً إلى إصلاحات هيكلية في مناخ الأعمال وتطوير البنية التحتية وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأضافت الوزيرة أن التجربة المغربية تظهر أن بيئة قانونية واضحة، واستراتيجية صناعية فعّالة، يمكن أن تفتح الباب أمام تدفقات مالية كبيرة من القطاع الخاص.
تمويل مبتكر لسد فجوة تتجاوز تريليون دولار

تشير التقديرات إلى أن أفريقيا تحتاج إلى ما يقارب 1.3 تريليون دولار سنوياً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وفي هذا الإطار، سلطت الافتتاحية: البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص الضوء على أهمية التمويل المبتكر، خاصة الأدوات التي تسمح بتقليل المخاطر، وتسهيل القروض، وتعزيز الضمانات، مما يشجع المستثمرين الدوليين على دخول السوق الإفريقية بثقة أكبر.
وترى الوزيرة المغربية أن سد هذه الفجوة يتطلب روحاً جديدة من التعاون بين المؤسسات الدولية والحكومات والقطاع الخاص، مع التركيز على المشاريع القادرة على خلق تأثير واسع.
لمعرفة المزيد: الاقتصاد الدائري وضغوط التجارة العالمية
منتدى الاستثمار الإفريقي: منصة لتغيير قواعد اللعبة
منذ إطلاقه في عام 2018، نجح منتدى الاستثمار الإفريقي في حشد أكثر من 225 مليار دولار من الاهتمام الاستثماري، إضافة إلى 32 مليار دولار من المعاملات التي وصلت إلى الإغلاق المالي.
ويرى البنك أن الافتتاحية: البنك الإفريقي يدعو لتسريع تعبئة رأس المال الخاص تعكس التحول الحقيقي في طبيعة المنتدى، الذي أصبح منصة قارية استراتيجية لتوجيه التمويل نحو المشاريع ذات التأثير العالي.
ويؤكد المشاركون أن المنتدى يمثل فرصة مهمة لإعادة رسم الخريطة الاستثمارية للقارة، وتعزيز تكاملها الاقتصادي، ودعم طموحها في التحول إلى قوة اقتصادية عالمية خلال العقود القادمة.
