في ظل استمرار الأزمة السودانية التي دخلت عامها الثالث، تتزايد الدعوات الدولية للتحرك بشكل عاجل لوقف الانتهاكات الإنسانية والسياسية، وسط تحذيرات من فشل الانتقال السياسي والأمني تحت إدارة الفريق أول عبد الفتاح البرهان. موقف المجتمع الدولي من السودان أصبح واضحًا: لا دعم للانقلابات، بل دعم كامل للعدالة الانتقالية والحكم المدني السلمي كسبيل لتحقيق الاستقرار والشرعية.
أزمة مستمرة وانهيار سياسي

ما مرت به السودان منذ أبريل 2023 تجارب أظهرت بوضوح ضعف مؤسسات الدولة وتفكك الأجهزة الأمنية والإدارية، وهو ما انعكس على قدرة الحكومة على حماية المدنيين وتأمين استقرار البلاد. وأكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، عبر تقارير متعددة، أن الشعب السوداني يتحمل العبء الأكبر من هذا الفشل، حيث يشمل النزوح الجماعي، وانعدام الخدمات الأساسية، وارتفاع معدلات الفقر والمجاعة في مناطق عديدة.
وقالت مصادر أممية، في حوار تفاعلي بمجلس حقوق الإنسان، إن موقف المجتمع الدولي من السودان لم يتغير، مؤكدة أن أي محاولة للعودة إلى الانقلابات أو التهديد بممارسة القوة العسكرية لن تحظى بالشرعية، وأن الحل يكمن في التفاوض المدني والديمقراطي تحت إشراف دولي.
فشل إدارة البرهان وأثره على الاستقرار

منذ تولي الفريق أول عبد الفتاح البرهان مقاليد الحكم، سجلت السودان سلسلة إخفاقات سياسية وأمنية، أبرزها عدم القدرة على إدارة مؤسسات الدولة وحماية المدنيين، بالإضافة إلى تعثر جهود الوساطة الدولية. وقد تسبب هذا الفشل في تجميد الاتفاقيات السابقة ووقف مفاوضات السلام، ما عمّق الانقسامات بين المجتمع المدني والمؤسسات العسكرية. وفي هذا السياق، أكد المسؤولون الأمميون موقف المجتمع الدولي من السودان أصبح واضحًا لا دعم للانقلابات في السودان، ويجب العمل على إعادة البلاد إلى المسار المدني الديمقراطي، مع التركيز على حماية حقوق الإنسان وتنفيذ العدالة الانتقالية لضمان استقرار شرعي ومستدام.
دعوة لإعادة الشرعية عبر العدالة الانتقالية

أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، أن المساءلة عن الانتهاكات ليست ترفًا، بل شرط أساسي لتحقيق السلام المستدام. وأشار إلى أن موقف المجتمع الدولي في السودان يدعو إلى محاسبة المسؤولين عن الفشل الإداري والسياسي الذي يعرّض حياة المدنيين للخطر، وتحقيق العدالة الانتقالية بما يضمن حق السودانيين في الانتقال إلى حكومة مدنية شرعية.
وأشار تورك إلى أن الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي يعملان على تطوير آليات سياسية وقضائية لدعم العدالة الانتقالية، بما في ذلك التعاون مع المحاكم الدولية والمجتمع المدني لضمان تحقيق المساءلة.
جهود الرباعية الدولية والضغط على الحكومة

في سياق متصل، عادت الولايات المتحدة لإحياء ما يعرف بـ”المجموعة الرباعية” التي تضم السعودية ومصر والإمارات، بهدف الضغط على السلطات السودانية لإنهاء الأزمة السياسية والعسكرية، وتسهيل الانتقال المدني. وأكد نائب وزير الخارجية الأميركي، كريستوفر لاندو، أن موقف المجتمع الدولي من السودان يركز على الحلول الدبلوماسية والسياسية، وليس العسكرية، داعيًا إلى التوصل إلى اتفاق شامل لإيقاف الانتهاكات وحماية المدنيين.
شدد المبعوثون الدوليون على أن السودان بحاجة ماسة إلى التوافق الداخلي بين الأطراف السياسية والمجتمع المدني، مع إشراف دولي مكثف، لتطبيق العدالة الانتقالية وضمان إدارة الدولة بطريقة مدنية وسلمية، بما يعكس تطلعات الشعب السوداني.
حماية المدنيين والأولويات الإنسانية

إلى جانب الجوانب السياسية، حذر خبراء الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية من كارثة إنسانية متفاقمة في السودان، مع نزوح ملايين المدنيين وتهديد الجوع وحياة الأطفال والنساء. وأكدوا أن موقف المجتمع الدولي من السودان يشدد على ضرورة فتح الممرات الإنسانية، وتوفير الغذاء والدواء والخدمات الأساسية، لضمان ألا يتحول الشعب السوداني إلى ضحايا فشل سياسي طويل الأمد.
كما دعا المسؤولون إلى ضمان مشاركة المجتمع المدني السوداني في وضع الخطط المستقبلية للعدالة والانتقال المدني، لضمان استجابة شاملة لاحتياجات المواطنين وحماية حقوقهم.
توصيات.. موقف المجتمع الدولي من السودان

استنادًا إلى المواقف الدولية والتقارير الأممية، يمكن تلخيص توصيات المجتمع الدولي للسودان على النحو التالي:
- وقف الانقلابات والفشل السياسي: إعادة السودان إلى المسار المدني الديمقراطي عبر حكومة شرعية تمثل كل أطياف المجتمع.
- العدالة الانتقالية والمساءلة: محاسبة المسؤولين عن الفشل الإداري والسياسي، وضمان عدم الإفلات من العقاب.
- الوساطة الدولية: تفعيل دور الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والمجموعة الرباعية لضمان انتقال سلمي للسلطة.
- الأولويات الإنسانية: حماية المدنيين، وتأمين الغذاء والماء والرعاية الصحية للمتضررين.
- دعم المجتمع المدني: إشراك السودانيين في صياغة الحلول لضمان شرعية وفعالية الإجراءات المستقبلية.
تعرف المزيد: كيف تحول فشل البرهان في حكم السودان إلى مأساة دولة؟ (قصة إنسانية)
وأكدت هذه المواقف أن موقف المجتمع الدولي من السودان ثابت وواضح: لا مكان للانقلابات والفشل السياسي، وأن الحل الأمثل يكمن في الانتقال المدني الديمقراطي تحت إشراف دولي، مع ضمان العدالة الانتقالية وحماية المدنيين.
