يظهر تقرير حديث أن الجفاف في الصومال بين عامي 2020 و2023 لم يكن مجرد أزمة مناخية، بل كارثة إنسانية كشفت هشاشة نظم الرعاية الحكومية، وفشل تطبيق أي نظام ضمان اجتماعي فعال لحماية المجتمعات الضعيفة. ويؤكد التقرير، الصادر عن منظمة العفو الدولية، أن غياب هذا الدعم ترك آلاف العائلات في فقر مدقع وأجبرهم على النزوح داخليًا وخارج حدود البلاد.
أربع سنوات قاسية من الجفاف

بحسب التقرير، شهدت البلاد موجة شديدة من الجفاف في الصومال استمرت أربع سنوات متواصلة، وكانت من الأسوأ منذ عقود. هذه الفترة الطويلة أدت إلى نفاد مخزون الغذاء، وانهيار سبل العيش الريفية، وجفاف مصادر المياه في مساحات واسعة من البلاد. ومع جفاف الأنهار والآبار، اضطرت الأسر إلى السير لمسافات قد تصل إلى 100 كيلومتر بحثًا عن الماء.
سبل العيش منعدمة

يشير التقرير إلى أن الجفاف في الصومال تسبب في انهيار الاقتصاد المحلي في القرى، حيث توقفت الأعمال الصغيرة، وارتفعت البطالة، وفقدت آلاف الأسر مصادر دخلها الرئيسية. كما اضطر كثيرون إلى الاعتماد على نظام “الديني” للحصول على الطعام بالدين، لكن جفاف المحاصيل جعلهم غير قادرين على السداد، مما دفعهم إلى الهروب من قراهم.
نزوح داخلي وخارجي بحثًا عن النجاة

أدى تفاقم الجفاف في الصومال إلى موجة نزوح واسعة نحو مخيمات النازحين داخل البلاد، وإلى مخيم داداب للاجئين في كينيا. وأشار التقرير إلى أن العائلات التي فقدت ماشيتها ومزارعها لم تجد خيارًا آخر سوى الانتقال إلى هذه المخيمات، حيث تعتمد بالكامل على المساعدات الإنسانية للبقاء.
تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض

مع تراجع مصادر المياه النظيفة وارتفاع أسعارها، اضطرت العديد من الأسر لاستخدام مياه ملوثة، ما تسبب في زيادة حالات الإسهال والكوليرا. ويؤكد التقرير أن الوضع الصحي خلال فترة الجفاف في الصومال تجاوز حدود الإنذار، خصوصًا في المناطق النائية التي تفتقر إلى مراكز طبية أساسية.
غياب نظام ضمان اجتماعي يحمي الفئات الضعيفة
تؤكد منظمة العفو الدولية أن الجفاف في الصومال لم يكن ليصل إلى هذا الحد من المأساة لو كان هناك نظام حماية اجتماعية فعّال. فقد أدت هشاشة السياسات الحكومية إلى ترك الأسر المتضررة بلا دعم، ما أدى إلى تفكك الروابط الاجتماعية التقليدية التي كانت توفر الحد الأدنى من الحماية.
تأثيرات بيئية جديدة بسبب النجاة

نتيجة لانهيار مصادر الدخل، توجهت العديد من الأسر إلى جمع الحطب أو إنتاج الفحم لبيعهم. هذا الاتجاه، الذي جاء نتيجة الضرورة، أدى إلى تدمير بيئي إضافي، وأسهم في توسع التصحر الناتج عن الجفاف في الصومال.
توصيات لتحرك عاجل قبل تكرار الكارثة
يدعو التقرير الحكومة الصومالية وشركاءها الدوليين إلى اتخاذ خطوات عاجلة لمعالجة آثار الجفاف في الصومال من خلال:
- توسيع برامج المساعدات الغذائية والصحية.
- وضع نظام ضمان اجتماعي فعّال.
- الاستثمار في مشاريع التكيف المناخي طويلة الأمد.
- دعم المجتمعات الريفية قبل انهيارها مجددًا.
تعرف المزيد: اتفاقية الحج بين الصومال والسعودية 2026: موسم جديد يبدأ بتكريم مفاجئ لمقديشو
يكشف التقرير أن الجفاف في الصومال ليس مجرد حدث طبيعي متكرر، بل أزمة تتكرر بسبب غياب التخطيط وضعف الاستجابة. وإذا لم تُتخذ إجراءات مستدامة وعاجلة، فإن المستقبل القريب قد يشهد موجات جديدة من المعاناة والنزوح.
