الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية، يشهد الطب العالمي عامًا استثنائيًا في 2025، بعد أن تمكن فريق من العلماء بقيادة البروفيسور ديفيد بيكر، الحائز على جائزة نوبل، من تصميم أجسام مضادة جديدة بالكامل بفضل الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية. هذا الإنجاز لا يُعد مجرد خطوة بحثية، بل تحول جذري قد يغيّر طريقة اكتشاف العلاجات خلال السنوات المقبلة.
خوارزميات تصمم الدواء بدل العلماء

الدراسة التي نُشرت في مجلة Nature أوضحت أن الفريق استخدم نموذجًا توليديًا يُعرف باسم “RFantibody”، طُوّر خصيصًا لتسريع تصميم الأجسام المضادة. يعتمد هذا النظام على تحليل قواعد بيانات ضخمة للبروتينات، ثم يبتكر تراكيب جديدة يمكن أن تتفاعل بدقة مع مسببات الأمراض.
ويصف بيكر التقنية بأنها “نقلة نوعية في الطب الحيوي”، لأنها تتيح لماكينة الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية إنجاز ما يستغرقه العلماء شهورًا، خلال أيام معدودة فقط.
من التجارب الحيوانية إلى التصميم الرقمي

في الماضي، كان ابتكار الأجسام المضادة يحتاج إلى تجارب مطوّلة على الحيوانات، وغالبًا ما كان النجاح جزئيًا ومكلفًا. اليوم تغيّر كل شيء. أصبح الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية قادرًا على التنبؤ بكيفية ارتباط الأجسام المضادة بالبروتينات المستهدفة، ورسم تصميمها افتراضيًا دون الحاجة للمختبرات في المراحل الأولى.
يقول الباحث جو واتسون من شركة Xaira Therapeutics: “يكفي أن نُحدّد مكان الارتباط في الخلية، ليقترح النظام الجسم المضاد المناسب فورًا”. بهذه الدقة، يثبت الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية أنه أداة لا تُقدّر بثمن في السباق نحو علاج أكثر أمانًا وفعالية.
إنجاز كبير.. لكنه ليس نهاية الطريق

ورغم الحماس، يحذر العلماء من أن الطريق ما زال طويلًا. فالتجارب السريرية تمثل المرحلة الأصعب في مسار تطوير العلاج. فحتى لو صمم الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية أجسامًا مضادة مثالية على الورق، تبقى النتائج الحقيقية مرهونة بتفاعل الجسم البشري وتعقيداته.
ويقول الدكتور فرانشيسكو أبريلي من إمبريال كوليدج لندن: “ما يحدث اليوم يشبه الثورة الصناعية الأولى في الطب، لكننا بحاجة إلى وقت لضبط أدواتنا.” ويضيف أن الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية قد يُخفض التكلفة ويمهّد الطريق لعصر علاجات أسرع وأدق.
تحديات تقنية وأخلاقية

ورغم التقدم الكبير، تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية تحديات متعددة، أهمها قلة البيانات عالية الجودة، وضعف الشفافية في تفسير القرارات التي تتخذها الخوارزميات.في مجال حساس مثل الطب، لا يكفي أن نحصل على نتائج دقيقة من الخوارزميات، بل يجب أن نفهم كيف وصلت إليها. فالثقة في أي تقنية طبية لا تُبنى على الأرقام فقط، بل على قدرتها على التفسير والإقناع.
مستقبل الطب بين الأيدي الرقمية
اليوم لم يعد الحديث عن الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية رفاهية علمية، بل واقع تستثمر فيه كبرى الشركات العالمية مثل DeepMind وXaira Therapeutics مليارات الدولارات.
الهدف بسيط لكنه ثوري: ابتكار علاج مصمم خصيصًا لكل مريض، في وقت قياسي، وبتكلفة أقل.
ويرى باحثون أن الأعوام المقبلة ستشهد تعاونًا أوسع بين خبراء التكنولوجيا وعلماء الأحياء لتطوير “مصانع دوائية رقمية” قادرة على توليد آلاف التركيبات المحتملة بضغطة زر، وهو ما سيجعل الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية حجر الزاوية في الطب الحديث.

تعرف المزيد: الذكاء الاصطناعي في الإمارات: كيف تحولت الدولة إلى مركز عالمي للإنتاجية والابتكار 2025؟
بين الأمل والاحتراز
ورغم الحذر، فإن المؤشرات كلها تؤكد أن الذكاء الاصطناعي في تطوير الأدوية لن يتوقف عند تصميم الأجسام المضادة فحسب، بل سيتوسع إلى مجالات العلاج الجيني، وتشخيص الأمراض النادرة، بل وربما تطوير اللقاحات المستقبلية.
وبين الأمل والتحدي، يتفق العلماء على شيء واحد: أن “الأدوية الذكية” لم تعد خيالًا علميًا، بل خطوة واقعية نحو طب أكثر دقة وإنسانية، يقوده الذكاء… لا الصدفة.

