يشهد اقتصاد منطقة اليورو عودة قوية إلى مسار النمو، بعد أكثر من عامين من التباطؤ، إذ سجّل خلال أكتوبر 2025 أسرع وتيرة توسّع بفضل الأداء اللافت لقطاع الخدمات وتحسّن الطلب الداخلي، وفقًا لتقرير حديث صادر عن S&P Global وبنك HCOB.
وتشير البيانات إلى أن التفاؤل يعود تدريجيًا إلى الأسواق الأوروبية، رغم استمرار الضغوط على القطاع الصناعي.
ارتفاع قياسي في مؤشر مديري المشتريات

أظهر تقرير اقتصاد منطقة اليورو أن مؤشر مديري المشتريات المركّب (PMI) ارتفع إلى 52.5 نقطة في أكتوبر، مقارنة بـ51.2 نقطة في سبتمبر، وهو أعلى مستوى خلال 29 شهرًا.
ويعني تجاوز المؤشر حاجز الـ50 نقطة استمرار التوسع الاقتصادي للشهر العاشر على التوالي، وهو ما يُعدّ مؤشرًا واضحًا على تحسن الأوضاع في الأسواق الأوروبية.
وقال سايرس دي لا روبيّا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري:
“هناك مؤشرات حقيقية على تعافي اقتصاد منطقة اليورو، إذ قاد قطاع الخدمات الموجة الجديدة من النمو بعد فترة طويلة من الركود.”
قطاع الخدمات يقود النمو.. والصناعة تتراجع

أشار التقرير إلى أن النشاط في قطاع الخدمات ارتفع إلى 53 نقطة، وهو أعلى مستوى في 17 شهرًا، بينما واصل القطاع الصناعي تسجيل تباطؤ في الطلبات الجديدة.
ورغم ذلك، ارتفع مؤشر الطلبات المركب إلى 52.1 نقطة، في دلالة على أن اقتصاد منطقة اليورو يشهد توسعًا متوازنًا تقوده الخدمات بشكل أساسي.
🇪🇸 إسبانيا وألمانيا في المقدمة.. وفرنسا تتراجع

سجلت إسبانيا الأداء الأقوى بين دول اقتصاد منطقة اليورو، بمؤشر بلغ 56.0 نقطة، تلتها ألمانيا التي حققت 53.9 نقطة في أفضل أداء لها منذ عامين ونصف.
وفي المقابل، واصلت فرنسا التراجع مع تسجيلها 47.7 نقطة فقط، لتصبح الدولة الوحيدة التي تشهد انكماشًا داخل المنطقة.
أما إيطاليا وأيرلندا، فحافظتا على نمو معتدل، مما يدعم الاتجاه العام الإيجابي في اقتصاد منطقة اليورو باستثناء فرنسا.
زيادة في التوظيف رغم تباطؤ الصناعة
كشف التقرير أن التوظيف في اقتصاد منطقة اليورو ارتفع إلى أعلى مستوى في 16 شهرًا، مدفوعًا بزيادة الطلب على الخدمات، بينما استمرت المصانع في تقليص العمالة بسبب ضعف الطلب الخارجي.
كما أظهرت البيانات تراجع تكاليف الإنتاج إلى أدنى مستوى في ثلاثة أشهر، في حين رفعت الشركات أسعار البيع لتعويض خسائرها السابقة، مما يعكس مرونة السوق الأوروبية.
البنك المركزي الأوروبي يحافظ على الفائدة

في سياق متصل، أبقى البنك المركزي الأوروبي على سعر الفائدة الرئيسي عند 2% للاجتماع الثالث على التوالي، مؤكدًا أن السياسة النقدية الحالية “في موقع جيد” لدعم استقرار اقتصاد منطقة اليورو.
وبحسب استطلاع حديث لرويترز، فمن المرجّح أن تكون دورة خفض الفائدة قد انتهت بالفعل، مع استقرار التضخم حول هدف 2% واستمرار النمو بمعدلات معتدلة.
مؤشرات مستقبلية تدعم الثقة

يرى محللون أن الأشهر المقبلة قد تشهد مزيدًا من التحسّن في اقتصاد منطقة اليورو، خاصة مع استقرار أسعار الطاقة وتراجع معدلات التضخم.
ويؤكد الخبراء أن عودة الثقة إلى قطاع الخدمات وتوسّع الطلب المحلي يمثلان خطوة حاسمة نحو تعزيز التعافي المستدام داخل الكتلة الأوروبية.
تعرف المزيد: شركة باراماونت سكاي دانس تبدأ موجة تسريح ضخمة.. ما الذي يحدث خلف الكواليس؟
يبدو أن اقتصاد منطقة اليورو بدأ بالفعل مرحلة جديدة من الانتعاش بعد عامين من التقلبات، مدعومًا بقطاع خدمات قوي وسوق عمل أكثر استقرارًا.
لكن التحدي الأكبر يظل في كيفية الحفاظ على هذا الزخم في ظل تباطؤ الصناعة العالمية واستمرار التوترات الجيوسياسية.
