لم يكن فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك مجرد انتصار انتخابي محلي، بل شرارة سياسية تهدد بإشعال معركة أوسع مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي لم يُخفِ امتعاضه من صعود الشاب المسلم الديمقراطي الاشتراكي.
ممداني، البالغ من العمر 34 عامًا، أعلن عقب فوزه الحاسم أن “نيويورك ستكون النور في هذا الوقت من الظلام السياسي”، في إشارة مباشرة إلى سياسات ترامب، الذي طالما وصفه بـ”الشيوعي” و”الخطر على المدينة”.
فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك… صفعة رمزية لترامب

تُعد هذه النتيجة بمثابة استفتاء على سياسات الرئيس الجمهوري الذي حاول دون جدوى تحويل السباق إلى مواجهة أيديولوجية بين “الوطنيين والمحرضين”، كما قال في منشور على منصته “تروث سوشيال”.
ترامب، الذي خسر السيطرة على أكثر المدن تأثيرًا في البلاد، كتب بعد ساعات من إعلان النتائج:
“أي شخص يهودي يصوت لزهران ممداني… هو شخص غبي!”
اتهام أثار موجة غضب داخل الأوساط الليبرالية، وأعاد إلى الواجهة الخطاب الانقسامي الذي يميز حقبة ترامب السياسية.
من أوغندا إلى قاعة بلدية نيويورك

قصة فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك تتجاوز الأرقام الانتخابية. فالشاب المولود في أوغندا لعائلة من أصول هندية وصل إلى الولايات المتحدة في السابعة من عمره، وحصل على الجنسية الأميركية عام 2018.
صعد ممداني بسرعة مذهلة من ناشط محلي إلى أحد أبرز الأصوات اليسارية في الحزب الديمقراطي، مستندًا إلى خطاب يركز على العدالة الاجتماعية، وضبط الإيجارات، وتوفير النقل العام مجانًا، ورفع الضرائب على الأثرياء.
وفي مواجهة آلة ترامب الإعلامية، أصر على أن سياساته “ديمقراطية اشتراكية وليست شيوعية”، رافضًا الانجرار وراء حملات التخويف التي قادها الجمهوريون.
ترامب يهدد ويهاجم: التمويل الفيدرالي سلاح سياسي

قبل الانتخابات بأيام، حذر ترامب من أن فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك سيجعل المدينة “بفرصة صفر للنجاح”، متوعدًا بقطع التمويل الاتحادي عنها.
وقال في منشور على “تروث سوشيال”:
“إذا فاز ممداني، فلن أقدم أي تمويل اتحادي، باستثناء الحد الأدنى الذي يفرضه القانون”.
لكن محللين يرون أن مساهمة الحكومة الفيدرالية في ميزانية نيويورك محدودة نسبيًا، ما يجعل تهديد ترامب أقرب إلى الرسائل الرمزية الموجهة لقاعدته الانتخابية أكثر من كونه تهديدًا قابلًا للتنفيذ.
5 سيناريوهات محتملة: كيف سيرد ترامب على فوز ممداني؟
مع استمرار الجدل، تطرح مراكز التحليل الأميركية عدة سيناريوهات لكيفية تعامل ترامب مع فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك:
- تكثيف تطبيق قوانين الهجرة: إذ قد يعيد ترامب نشر قوات فيدرالية أو الحرس الوطني لمراقبة المهاجرين.
- مقاضاة المدينة بسبب سياسات ممداني التي تعارض تعاون الشرطة مع وكالة الهجرة والجمارك.
- حجب التمويل الفيدرالي للضغط السياسي.
- زيادة الرقابة على المؤسسات المحلية في نيويورك.
- حملات إعلامية ممنهجة لتشويه صورة ممداني وإظهاره كـ”خطر على القيم الأميركية”.
فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك… اختبار مبكر لانتخابات 2026
السباق على بلدية نيويورك لم يكن حدثًا معزولًا؛ بل اعتُبر اختبارًا مبكرًا لانتخابات التجديد النصفي في 2026.
فالديمقراطيون، الذين اكتسحوا ثلاث ولايات في الانتخابات المحلية، يرون أن فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك يعكس تحولًا في المزاج الشعبي الأميركي نحو اليسار التقدمي، خصوصًا بين الشباب وسكان المدن الكبرى.
أما الجمهوريون، فاعتبروا الهزيمة “نتاجًا مباشرًا للإغلاق الحكومي”، كما حاول ترامب تبريرها على منصته الرقمية.
من النصر إلى التحدي: هل يصمد ممداني أمام عاصفة ترامب؟

سيواجه العمدة الجديد ضغوطًا هائلة من واشنطن، وربما مقاطعة فيدرالية غير معلنة.
لكن ممداني يبدو واثقًا من قدرته على تحويل فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك إلى منصة وطنية لصوت الجيل الجديد من الديمقراطيين التقدميين، القادرين على منافسة ترامب في ميادينه المفضلة: الإعلام، والرمزية، والشارع.
تعرف المزيد: مشروع القرار الأمريكي بشأن غزة.. إدارة انتقالية أم وصاية جديدة حتى 2027؟
من يكتب التاريخ الجديد لنيويورك؟
يبقى السؤال مطروحًا:
هل سيكون فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك بداية لتحول سياسي واسع يعيد تعريف العلاقة بين واشنطن ومدنها الكبرى؟
أم أن ترامب، الذي يجيد قلب الطاولة في اللحظة الأخيرة، سيجد وسيلة لإعادة الإمساك بخيوط اللعبة؟
بين الحلم الاشتراكي والواقع الفيدرالي، تبدو نيويورك مقبلة على مرحلة من الصراع السياسي والإعلامي غير المسبوق، يكون فيها فوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك أكثر من مجرد حدث انتخابي، بل علامة فارقة في التاريخ الأميركي الحديث.
