في خطوة تُعزّز من مكانة الصحافة الصومالية كركيزة أساسية للديمقراطية، أطلق الاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين (NUSOJ)، بدعم من الحكومة الأسترالية، برنامجًا تدريبيًا يهدف إلى تمكين الإعلاميين من مواجهة التحديات المتزايدة في عصر الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة.
يُقام التدريب في مقديشو من 25 إلى 27 أكتوبر 2025 تحت شعار: “بناء نزاهة المعلومات في الصومال: تمكين الصحفيين لمكافحة التضليل من أجل صحافة عالية الجودة وأخلاقية.”
أستراليا.. شراكة لبناء إعلام مسؤول وشفاف

البرنامج الذي تموله الحكومة الأسترالية عبر المفوضية العليا في نيروبي، يُعدّ من أبرز المبادرات الداعمة لـ الصحافة الصومالية خلال السنوات الأخيرة، إذ يشارك فيه 32 صحفيًا من العاصمة وجميع الولايات الفيدرالية.
وخلال الافتتاح، أكدت جيني دا رين، المفوضة السامية الأسترالية لدى كينيا، فخر بلادها بدعم الصحفيين الصوماليين في معركتهم ضد التضليل، معتبرة أن الإعلام الحر والمسؤول هو السلاح الأقوى في حماية الديمقراطية والمجتمعات من الانقسام.
عمر فاروق عثمان: الحقيقة لا تُحارب إلا بالمعرفة

من جانبه، شدّد عمر فاروق عثمان، الأمين العام للاتحاد الوطني للصحفيين الصوماليين، على أن مواجهة الأكاذيب تتطلب صحفيين مؤهلين يتمتعون بالثقة والنزاهة والقدرة على التحقق من المعلومات.
وقال في كلمته: “المعلومات المضللة تهدد مصداقية الصحافة الصومالية وتضعف ثقة الجمهور. هدفنا أن نمنح الصحفيين أدوات عملية لحماية الحقيقة وإعادة الاعتبار للمهنة.”
تدريب عملي لبناء الثقة والمهارة

يركّز البرنامج على مواضيع أساسية مثل التحقق الرقمي، ودحض الأخبار الكاذبة، والسلامة الرقمية، والصحافة الأخلاقية في البيئات الحساسة سياسيًا.
كما يتضمّن ورشًا تفاعلية وتمارين جماعية تُساعد على ترسيخ التعاون بين المؤسسات الإعلامية وتعزيز شبكة الصحافة الصومالية كجبهة موحدة ضد التضليل والدعاية المتطرفة.
وزارة الإعلام: “الصحفيون شركاء في بناء الوطن”
وفي كلمة ممثل وزارة الإعلام والثقافة والسياحة، عبد الناصر حسين، أكّد أن الحكومة ترى في الصحافة الصومالية شريكًا أساسيًا في تحقيق الاستقرار والوحدة الوطنية، مشيدًا بالدعم الأسترالي والاستثمار في الكفاءات المحلية.
وأضاف: “تمكين الصحفيين بالمعرفة لا يخدم المؤسسات فقط، بل يخدم الوطن بأكمله من خلال إعلام مسؤول يوجّه الرأي العام نحو الحقيقة.”
بناء جيل إعلامي جديد في الصومال

من خلال هذه المبادرة، يسعى الاتحاد الوطني إلى خلق بيئة إعلامية متماسكة ومبنية على القيم المهنية، تُمكّن الصحفيين الشباب من مواجهة التحديات الحديثة بثقة.
ويقول أحد المشاركين: “هذا التدريب غيّر نظرتنا لكيفية التعامل مع الأخبار على الإنترنت. تعلمنا أن نكون خط الدفاع الأول عن الحقيقة، لأن مستقبل الصحافة الصومالية يعتمد على دقتنا ونزاهتنا.”
مواجهة التضليل لحماية الديمقراطية
تأتي هذه الجهود في وقتٍ تشهد فيه الصحافة الصومالية تحديات متزايدة مع انتشار المنصات الرقمية التي تُضخّم الشائعات وتشوّه الواقع.
ويهدف البرنامج إلى تعزيز ثقافة التحقق قبل النشر، وتشجيع استخدام الأدوات الرقمية لكشف الأكاذيب، مما يُعيد الثقة بين الجمهور ووسائل الإعلام المحلية.
تضامن إعلامي
الشراكة بين أستراليا والاتحاد الوطني ليست مجرد دعم تقني، بل تمثّل التزامًا دوليًا بتعزيز الصحافة الصومالية كمثال على الإعلام المستقل والمسؤول في شرق أفريقيا.
فبينما تعاني دول كثيرة من “تضخم المعلومات”، تسعى الصومال إلى بناء نموذج إعلامي يقوم على التحقق، والدقة، والإنسانية في التغطية.
تعرف المزيد: المتحف المصري الكبير: كل ما تريد معرفته قبل الافتتاح المرتقب 2025
نحو إعلام صومالي أكثر نزاهة وتأثيرًا
تُعد هذه المبادرة جزءًا من رؤية الاتحاد طويلة الأمد لبناء مجتمع إعلامي قوي، أخلاقي، ومترابط. ومع استمرار الدعم الدولي، تُثبت الصحافة الصومالية أنها ليست مجرد ناقل للأخبار، بل ركيزة للديمقراطية والتنمية والسلام في البلاد.
