فوائد المغنيسيوم للجسم،وسط زحام المكملات الغذائية، ظهر معدن أبيض صغير يثير ضجة غير مسبوقة. إنه ليس ذهبًا ولا فضة، بل شيء أكثر تواضعًا لكنه قد يكون المفتاح لصحتنا.
في السنوات الأخيرة، تحوّل البحث عن فوائد المغنيسيوم للجسم إلى هوس عالمي. من فيديوهات المؤثرين إلى توصيات الأطباء، الكل يتحدث عن هذا “المعدن المعجزة” الذي يُقال إنه يساعدنا على النوم، يهديء الأعصاب، ويحسّن المزاج والهضم.
من مسحوق أبيض إلى ظاهرة عالمية

في مصنع صغير بمنطقة يوركشاير ديلز في بريطانيا، تدور آلات ضخمة تعبئ آلاف الحبوب البيضاء كل دقيقة.
يقول أندرو جورينغ، المدير التنفيذي لإحدى شركات المكملات:
“نرسل منتجاتنا من هذا المعدن إلى العالم كله… الطلب يتضاعف كل عام تقريبًا”.
صناعة المغنيسيوم تزدهر، وسوقه تجاوز 3 مليارات جنيه إسترليني. وراء هذا النمو موجة من الاهتمام المتصاعد بـ فوائد المغنيسيوم للجسم، تقودها وسائل التواصل الاجتماعي والبحث عن حلول سريعة للصحة النفسية والبدنية.
كيف تحول المغنيسيوم إلى “موضة” صحية؟

تقول خبيرة التغذية البريطانية كيرستن جاكسون:
“الناس اليوم يشترون الأمل قبل الدواء”.
فعندما تتحدث المؤثرات عن نوم أعمق وعقل أكثر صفاءً بعد أسبوعين من المكمل، يبدو أن فوائد المغنيسيوم للجسم انتقلت من المختبر إلى تيك توك.
لكن ما وراء كل إعلان لامع، هناك سؤال مشروع: هل نحتاج فعلاً لهذا المعدن؟
ما الذي يفعله المغنيسيوم في أجسامنا؟

المغنيسيوم يشارك في أكثر من 300 عملية داخل الجسم. إنه المسؤول عن استرخاء العضلات، تنظيم ضغط الدم، مساعدة الأعصاب، وإنتاج الطاقة.
توضح كريستين ستافريديس، خبيرة التغذية الإكلينيكية:
“المشكلة أن كثيرًا من الناس لا يحصلون على كفايتهم من المغنيسيوم في الطعام، ومع ذلك لا يدركون أن النقص قد يكون سبب تعبهم الدائم”.
هنا تظهر أهمية فوائد المغنيسيوم للجسم، خصوصًا في دعم الجهاز العصبي والهضمي والعضلي.
النوم.. الهضم.. والمزاج
قصص المستخدمين تملأ الإنترنت. تقول كاتي كوران، خبيرة الاتصالات:
“كنتُ أعاني من أرق دائم، وعقلي لا يتوقف عن التفكير. بعد أسبوعين من تناول المغنيسيوم، بدأ نومي يتحسن وذهني يهدأ.”
لكن الدراسات العلمية أكثر حذرًا. فبينما يرى البعض نتائج ملموسة، تؤكد الأبحاث أن تأثير فوائد المغنيسيوم للجسم يعتمد على وجود نقص فعلي. أي أن من لديهم مستويات طبيعية قد لا يشعرون بتغيير كبير.
أي نوع من المغنيسيوم يناسبك؟

يأتي المغنيسيوم في أشكال مختلفة:
غليسينات المغنيسيوم: يُستخدم لتحسين النوم وتقليل التوتر.
كلوريد المغنيسيوم: يُستخدم لتخفيف آلام العضلات.
سترات المغنيسيوم: يُساعد على الهضم ويعالج الإمساك.
ويحذر الأطباء من استخدام المكملات دون استشارة، لأن الكمية الزائدة قد تسبب إسهالًا وغثيانًا وربما مضاعفات في الكلى.
لذلك، أفضل طريقة للحصول على فوائد المغنيسيوم للجسم هي عبر الغذاء الطبيعي: المكسرات، البذور، الخضروات الورقية، والحبوب الكاملة.
حين يتحول التسويق إلى طب بديل

تقول جاكسون:
“شركات المكملات تعرف جيدًا أن الناس يريدون حلولًا فورية. لذلك يبيعون المغنيسيوم كأنه علاج شامل لكل شيء.”
لكن الحقيقة أن المكملات لا تُغني عن النظام الغذائي المتوازن. فمهما كانت فوائد المغنيسيوم للجسم مذهلة، لن تعمل وحدها إذا كانت حياتنا مليئة بالوجبات السريعة والسهر وقلة الحركة.
متى يصبح المغنيسيوم خطرًا؟
الأشخاص الذين يعانون من أمراض الكلى يجب أن يتجنبوا المكملات إلا باستشارة طبية. زيادة المغنيسيوم في الدم قد تؤدي إلى الشلل أو فقدان الوعي في الحالات الشديدة.
حتى الأشخاص الأصحاء يجب أن يلتزموا بالجرعة الآمنة التي تتراوح بين 300 و400 ملغ يوميًا.
دروس من ضجيج المكملات
قصة المغنيسيوم تذكّرنا أن البحث عن الراحة النفسية لا يُشترى في كبسولة.
إنها رحلة تبدأ من طبق طعام متوازن، ونمط حياة هادئ. فوائد المغنيسيوم للجسم حقيقية، لكنها ليست العصا السحرية التي تُصلح كل شيء.
تعرف المزيد: انعدام الأمن الغذائي في الصومال .. 7 حقائق تكشف تصاعد الأزمة
المعجزة ليست في الحبة، بل في التوازن
قد يكون المغنيسيوم معدنًا صغيرًا، لكنه يملك تأثيرًا واسعًا على أجسامنا. ومع ذلك، فإن سرّ القوة لا يكمن في الحبوب، بل في الوعي.
عندما نأكل جيدًا، وننام كفاية، ونهدأ قليلًا عندها فقط تبدأ فوائد المغنيسيوم للجسم بالظهور بصدق، دون ضجيج الإعلانات ولا سحر المؤثرين.
