تتصاعد ملامح الدور الأميركي في غزة مع تحركات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى حماية اتفاق وقف إطلاق النار ومنع أي تصعيد جديد قد يهدد استقرار الشرق الأوسط، في وقت تسعى فيه واشنطن إلى رسم معالم ما بعد الحرب من خلال شراكات أمنية ودبلوماسية متشابكة
واشنطن تؤكد تبادل المعلومات لمنع خرق الهدنة

كشف وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أن الدور الأميركي في غزة لا يقتصر على الدعم السياسي، بل يشمل تبادلًا مستمرًا للمعلومات الاستخباراتية مع الوسطاء الإقليميين، من أجل إحباط أي تهديد محتمل للهدنة.
وقال روبيو إن هذا التنسيق ساهم مؤخرًا في منع هجوم وشيك، مشيرًا إلى أن واشنطن تعمل عن قرب مع إسرائيل وقطر ومصر وتركيا لتأمين الهدوء.
وأضاف الوزير الأميركي أن الولايات المتحدة أرسلت تحذيرات مبكرة إلى شركائها حول تهديد محتمل، مؤكدًا أن «الهدف النهائي هو تحديد الخطر قبل وقوعه»، في خطوة تعكس اتساع الدور الأميركي في غزة كضامن أمني وسياسي في آنٍ واحد.
التحذيرات الأميركية ودبلوماسية الردع

وفي بيان سابق، قالت الخارجية الأميركية إن لديها تقارير موثوقة تشير إلى احتمال قيام حركة حماس بخرق الهدنة عبر هجمات تستهدف المدنيين، وهو ما اعتبرته واشنطن اختبارًا جديدًا لـ الدور الأميركي في غزة.
ورغم هذه المخاوف، حرصت الإدارة الأميركية على توجيه رسائل مزدوجة: دعم الهدنة من جهة، وتحذير الأطراف كافة من تجاوز خطوطها الحمراء من جهة أخرى، في دبلوماسية تُعرف بسياسة “الردع الوقائي” التي أصبحت السمة الأبرز في الدور الأميركي في غزة خلال الأشهر الأخيرة.
تحركات لإنشاء قوة استقرار دولية

أكد روبيو أن واشنطن تبحث مع عدد من الدول إمكانية إنشاء قوة دولية للمساعدة في حفظ الأمن داخل القطاع، معتبرًا أن نجاح هذه الخطوة سيشكل تطورًا نوعيًا في الدور الأميركي في غزة.
وأوضح أن الولايات المتحدة قد تلجأ إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يمنح هذه القوة تفويضًا أمميًا، ما يسمح بمشاركة أوسع من دول آسيوية وإسلامية مهتمة، مثل إندونيسيا وأذربيجان، في مهام حفظ الاستقرار.
إسرائيل خارج حسابات الاحتلال

وفي إشارة إلى الموقف الإسرائيلي، شدد روبيو على أن تل أبيب لا تسعى إلى إعادة احتلال غزة، مؤكدًا أن واشنطن تعمل على ضمان الأمن الإسرائيلي دون المساس بحقوق الفلسطينيين.
وقال الوزير الأميركي: “كلما أصبحت غزة منزوعة السلاح، زاد الاستقرار، وزاد نجاح الدور الأميركي في غزة في تحقيق بيئة آمنة ومستقرة للطرفين”.
موازنة المصالح: أمن مقابل إعمار
يرى مراقبون أن نجاح الدور الأميركي في غزة مرتبط بقدرته على الموازنة بين أولويتين متناقضتين: تعزيز الأمن وضمان إعادة الإعمار.
فبينما تركز واشنطن على الجانب الأمني والحد من التسلح، تشدد الجهات الدولية على ضرورة فتح أفق اقتصادي وإنساني حقيقي، يعيد للقطاع نبض الحياة ويمنع عودة الصراع.
وتشير التقديرات إلى أن استقرار غزة لن يتحقق دون خطة متكاملة تجمع بين الأمن والتنمية، وهي المعادلة التي تحاول الإدارة الأميركية صياغتها ضمن الدور الأميركي في غزة.
وساطة متعددة الأطراف

يلعب كل من قطر ومصر دورًا رئيسيًا في تعزيز الدور الأميركي في غزة، عبر تفعيل قنوات الوساطة المباشرة مع الفصائل الفلسطينية.
ويرى دبلوماسيون أن هذا التعاون بين واشنطن وحلفائها الإقليميين قد يؤسس لنمط جديد من إدارة الأزمات في الشرق الأوسط، يعتمد على الشراكة بدل الهيمنة، وعلى الحوار بدل المواجهة.
خطة بعيدة المدى لشرق أوسط جديد

تؤكد تصريحات المسؤولين الأميركيين أن الدور الأميركي في غزة لن يكون مؤقتًا، بل خطوة في مسار أوسع لإعادة تشكيل موازين القوى في الشرق الأوسط.
ويعتقد محللون أن واشنطن تسعى من خلال هذا الدور إلى بناء منظومة أمنية سياسية تُبقيها في مركز القرار الإقليمي، خاصة بعد تصاعد النفوذ الصيني والروسي في المنطقة.
تعرف المزيد: تصويت الكنيست بشأن ضم الضفة الغربية يشعل الجدل.. ماذا يحدث؟
خلاصة المشهد
في ظل الجهود الدبلوماسية المكثفة، يبرز الدور الأميركي في غزة كعنصر محوري في الحفاظ على التوازن الإقليمي. وبينما تحاول واشنطن تأكيد التزامها بحماية الهدنة ومنع التصعيد، تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرتها على تحويل نفوذها إلى استقرار دائم، لا إلى هدنة مؤقتة تنتظر جولة جديدة من التوتر.
