البرلمان الصومالي، أُجِّلت الجلسة المقررة لمجلس الشعب الصومالي هذا الأسبوع بعد فشل تحقيق النصاب القانوني، في خطوةٍ أعادت إلى الواجهة حالة الجمود التي تهيمن على البرلمان منذ أشهر.
ورغم أن تأجيل الجلسات بات أمرًا متكررًا في الحياة السياسية الصومالية، إلا أن هذه المرة تحمل أبعادًا تتجاوز مجرد غياب النواب؛ فهي تعكس خللًا متجذرًا في العلاقة بين القيادة البرلمانية وأعضائها، وفي طريقة إدارة المؤسسة التشريعية نفسها.
آدن مادوبي في مواجهة المعارضة

تتجه أصابع الاتهام مجددًا نحو رئيس المجلس، الشيخ آدن محمد نور (آدن مادوبي)، الذي يتهمه عدد من النواب، وخصوصًا من صفوف المعارضة، بتقويض النقاش الديمقراطي داخل القاعة البرلمانية، من خلال تقييد النقاشات واستبعاد مقترحات لا تتماشى مع أجندته السياسية.
هذه الاتهامات ليست جديدة، لكنها تكتسب هذه المرة زخماً أكبر، بعد تزايد الغياب المتعمد من قبل نواب معارضين، في رسالة احتجاج واضحة على ما يعتبرونه “إدارة أحادية” للعمل التشريعي.
خلافات داخلية تشل عمل البرلمان
وفق مصادر برلمانية، تغيب عدد كبير من الأعضاء عن الجلسة، بعضهم لوجوده خارج العاصمة مقديشو، وآخرون امتنعوا عن الحضور احتجاجًا على ما وصفوه بـ”هيمنة” رئيس المجلس الشيخ آدن محمد نور، المعروف بـ”آدن مادوبي”.
ويتهم نواب المعارضة رئيس المجلس بتعطيل النقاشات واستبعاد مشاريع القوانين المتعلقة بالأمن القومي والشفافية المالية، وهو ما اعتبروه تجاوزًا لصلاحياته وتحديًا لروح العمل الديمقراطي داخل البرلمان الصومالي.
أداء باهت رغم الدعم الدولي

ورغم تلقي البرلمان الصومالي تمويلًا مستمرًا من المانحين الدوليين لدعم الحوكمة، إلا أن نتائجه على أرض الواقع لا تزال محدودة. فمنذ انتخابه عام 2022، لم يتمكن من إقرار سوى عدد قليل من القوانين، وسط انتقادات متزايدة من الرأي العام والمجتمع المدني.
ويرى مراقبون أن هذا العجز التشريعي يعكس ضعفًا هيكليًا في أداء البرلمان، ويضع تساؤلات حول مدى فاعليته في الرقابة على الحكومة أو تمثيل مصالح المواطنين.
أزمة ثقة في القيادة البرلمانية
أزمة البرلمان الصومالي ليست في النصاب فقط، بل في الثقة المفقودة بين النواب ورئيس المجلس. فبدلًا من أن تكون المؤسسة منبرًا للتوافق الوطني، تحولت إلى ساحة خلافات سياسية وتحالفات متقلبة.
ويؤكد محللون أن غياب الحوار الداخلي والتفاهم بين الكتل السياسية جعل البرلمان عاجزًا عن أداء دوره، ما أدى إلى تآكل صورته أمام الرأي العام.
برلمان غائب في زمن التحديات

تأتي هذه الاضطرابات في وقت تواجه فيه الصومال ملفات حيوية، أبرزها الحرب ضد حركة الشباب، واستمرار الجفاف في مناطق عدة، وتعثر الإصلاح الدستوري، إلى جانب التوترات بين الحكومة الفيدرالية وبعض الولايات.
ومع غياب فاعلية البرلمان الصومالي، تبقى هذه القضايا دون متابعة رقابية وتشريعية جادة، ما يزيد من مخاوف فقدان التوازن بين مؤسسات الدولة.
تعرف المزيد: جيل GEN Z الصومالي: ثورة صامتة أم مستقبل مشرق؟
هل يمكن استعادة ثقة الشارع؟
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من مكتب رئيس مجلس النواب بشأن أسباب التأجيل أو الاتهامات الموجهة إليه، الأمر الذي فُسّر على أنه تجاهل للأزمة.
ويحذر المراقبون من أن استمرار هذا النهج دون إصلاح داخلي حقيقي قد يفقد البرلمان الصومالي دوره الأساسي كمؤسسة رقابية وتشريعية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى حكم رشيد ومساءلة شفافة لضمان مستقبل مستقر.