في خطوة مفاجئة حملت رسائل متعددة، أعلنت حركة جيل زد في المغرب، السبت، تعليق احتجاجاتها مؤقتاً بعد أسبوعين من التظاهرات التي طالبت بإصلاحات عاجلة في قطاعي الصحة والتعليم، مؤكدة أن القرار لا يعني التراجع عن مطالبها بقدر ما هو “استراحة استراتيجية” لإعادة التنظيم.
قرار مدروس لا انسحاب

وقالت الحركة في بيان رسمي إن “توقيف التظاهرات خلال عطلة نهاية الأسبوع يهدف إلى تعزيز التنسيق الداخلي وضمان أن تكون المرحلة المقبلة أكثر تأثيراً وتنظيماً، بعيداً عن أي ارتجال أو استغلال خارجي”.
وتأتي هذه الخطوة في ظل مراقبة محلية ودولية متزايدة لتحركات جيل زد في المغرب، التي بدأت عبر منصات التواصل الاجتماعي، وخصوصاً “ديسكورد”، حيث تحولت نقاشات الشباب حول التعليم والصحة إلى دعوة عامة للنزول إلى الشارع.
مطالب جيل غاضب من التفاوتات

وأكدت الحركة أن مطالبها لم تتغير، مشددة على ضرورة “محاسبة الفاسدين وتحميل الحكومة مسؤولية التدهور الاجتماعي والاقتصادي”، مضيفة أن الاحتجاجات القادمة ستكون موجهة “ضد الحكومة وكل من يعرقل تحقيق كرامة المواطن وعدالته الاجتماعية”.
ويبدو أن جيل زد في المغرب بات يمثل جيلاً جديداً من الحراك الشعبي، يتحدث بلغة التكنولوجيا وينظم نفسه عبر أدوات رقمية بعيداً عن الأطر التقليدية للأحزاب والنقابات.
الملك يدعو لتسريع التنمية والتشغيل

تزامناً مع ذلك، وجّه العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطابه السنوي أمام البرلمان، الجمعة، دعوة إلى الحكومة والبرلمان لتسريع تنفيذ البرامج التنموية الجديدة التي تهدف إلى تشغيل الشباب وتحسين خدمات الصحة والتعليم.
وقال الملك: “ننتظر وتيرة أسرع وأثراً أقوى للجيل الجديد من برامج التنمية الترابية التي وجهنا الحكومة لإعدادها”، في إشارة مباشرة إلى ضرورة الاستجابة لمطالب المجتمع، بما في ذلك أصوات جيل زد في المغرب التي ارتفعت مؤخراً.
تفاعل متبادل بين الدولة والحركة

ويرى مراقبون أن الخطاب الملكي شكّل رسالة طمأنة غير مباشرة للشباب، إذ أشار إلى “تشجيع المبادرات المحلية وتوفير فرص الشغل والنهوض بقطاعي التعليم والصحة”، وهي الملفات ذاتها التي تتصدر أجندة جيل زد في المغرب منذ انطلاق حراكها منتصف سبتمبر الماضي، عقب حادث وفاة ثماني نساء حوامل في مستشفى عمومي بأكادير.
احترام للملك دون تراجع عن المطالب
ورغم تعليق التظاهرات، أكدت الحركة أنها لن تنظم احتجاجات يوم الجمعة “احتراماً وتقديراً لجلالة الملك”، موضحة أن القرار لا يمثل تراجعاً عن المطالب بل “استجابة ظرفية للحظة وطنية تستحق التقدير”.
بهذه الخطوة، يسعى جيل زد في المغرب إلى تأكيد استقلاليته عن أي توجيه خارجي، مع الحفاظ على الضغط الشعبي السلمي لتحقيق الإصلاحات المنتظرة.
تعرف المزيد: تفاصيل خطاب الملك محمد السادس 2025.. رسائل ملكية للإصلاح الشامل في المغرب
جيل جديد من الوعي السياسي
يرى محللون أن ما يميز جيل زد في المغرب ليس فقط حيويته في الشارع، بل طريقته في التواصل والتنظيم عبر الفضاء الرقمي، مما يجعله نموذجاً جديداً للحركات الشبابية في المنطقة.
وبينما تترقب البلاد الخطوات المقبلة، تبقى العلاقة بين المؤسسة الملكية والحراك الشبابي مفتوحة على حوار غير معلن، عنوانه الأبرز: جيل زد في المغرب يريد المشاركة لا المواجهة.