تسود حالة من التوتر بين الحكومة الفيدرالية الصومالية وولاية جوبالاند، بعدما فشلت المحادثات التي جمعت الرئيس حسن شيخ محمود بزعيم الولاية أحمد محمد إسلام (مادوبي) في كيسمايو، ما دفع الحكومة للتفكير بجدية في تأسيس إدارة موازية في جوبالاند كخيار سياسي جديد بعد الانسداد التام في المفاوضات.
انهيار المحادثات وعودة الرئيس إلى مقديشو

استمرت المحادثات أكثر من أربع ساعات يوم الأحد الماضي دون التوصل إلى أي اتفاق بشأن الملفات العالقة، خصوصًا ما يتعلق بشرعية انتخابات عام 2024 في الولاية. وعلى إثر ذلك، أنهى الرئيس حسن شيخ محمود زيارته إلى كيسمايو بشكل مفاجئ وعاد إلى العاصمة مقديشو يوم الاثنين، في مؤشر واضح على عمق الخلافات بين الجانبين حول مستقبل الحكم المحلي والفيدرالي.
خلاف حول شرعية مادوبي وانتخابات 2024

تركزت المحادثات على إعادة انتخاب مادوبي المثيرة للجدل، والتي منحت له ولاية ثالثة رغم الاعتراضات السياسية. طالب الرئيس محمود زعيم جوبالاند بالتراجع عن نتائج تلك الانتخابات والمشاركة في عملية سياسية وطنية تقود إلى انتخابات شاملة بنظام الصوت الواحد بحلول عام 2026، لكن مادوبي رفض الطلب وأصر على أن تعترف الحكومة بشرعية انتخابه، وتعتذر عن المواجهات المسلحة السابقة، وتسحب المذكرات القضائية الصادرة بحقه.
هذا الرفض وضع الحكومة أمام خيارين، أولهما المضي في خطة الإدارة الموازية في جوبالاند، وثانيهما الضغط الاقتصادي على كينيا عبر حظر استيراد القات الكيني الذي يُعد مصدر دخل مهم لحلفاء مادوبي.
إدارة موازية في جيدو.. خيار مطروح بقوة
وفقًا لمصادر سياسية مطلعة، كانت فيلا الصومال تناقش منذ أشهر إمكانية إنشاء إدارة موازية في جوبالاند تتركز في منطقة جيدو، خاصة بعد التقدم العسكري الذي أحرزته القوات الفيدرالية هناك خلال الأشهر الماضية، من بينها السيطرة على بلدة بلد هاوو القريبة من الحدود الكينية.
ويبدو أن انهيار المحادثات الأخيرة عجّل بعودة هذا الخيار إلى الواجهة، إذ يرى بعض المسؤولين أن الإدارة الموازية في جوبالاند قد تشكل أداة فعالة للضغط على مادوبي وإعادة ضبط توازن القوى في الجنوب.
تحذيرات من تقويض الحرب ضد حركة الشباب

غير أن معارضين كثر يحذرون من أن أي توجه نحو تأسيس إدارة موازية في جوبالاند قد يؤدي إلى تفاقم الانقسامات الداخلية في وقت تخوض فيه البلاد حربًا شرسة ضد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة.
النائب الفيدرالي مرسال محمد خليف وصف الخطوة بأنها “خطة محفوفة بالمخاطر” من شأنها أن تصب في مصلحة التنظيم المتشدد عبر تشتيت الموارد والجهود عن المعركة الرئيسية ضد الإرهاب.
كينيا في موقف حرج
تحتفظ كينيا بنفوذ كبير في جوبالاند، خاصة في مدينة كيسمايو الساحلية التي تعتبر معقلًا سياسيًا واقتصاديًا لمادوبي. ويخشى مراقبون من أن المضي في مشروع إدارة موازية في جوبالاندقد يفتح جبهة توتر جديدة بين مقديشو ونيروبي، لاسيما إذا لجأت الحكومة الصومالية إلى استخدام الورقة الاقتصادية للضغط.
تعرف المزبد: التعاون الأمني في الصومال 2025 بين الإصلاح الداخلي والدعم السويدي
مستقبل غامض للجنوب الصومالي
مع غياب أفق واضح للحوار، تبدو الأزمة بين مقديشو وجوبالاند مرشحة للتصعيد. فبينما تسعى الحكومة لفرض رؤيتها عبر إنشاء إدارة موازية في جوبالاند، يتمسك مادوبي بشرعيته وبدعم إقليمي قوي. وفي ظل هذه المعادلة المعقدة، قد تتأثر الجهود الوطنية لمحاربة حركة الشباب، ويزداد خطر تفكك الجبهة الداخلية التي تحتاجها البلاد أكثر من أي وقت مضى.