يشهد التعاون الأمني في الصومال حراكًا متزامنًا يعكس مرحلة جديدة من إعادة بناء المنظومة الدفاعية في البلاد، حيث انطلقت مشاورات وطنية موسعة حول إصلاح الأمن الوطني في 6 أكتوبر، تزامنًا مع زيارة وزير الدفاع السويدي بول جونسون إلى مقديشو في 7 أكتوبر.
ورغم اختلاف السياقين، إلا أن الرسالة واحدة: التعاون الأمني في الصومال بات يتخذ مسارين متكاملين إصلاح داخلي منظم، ودعم دولي متنامٍ من الشركاء الأوروبيين، وعلى رأسهم السويد.
مشاورات مقديشو تضع أسس إصلاح حوكمة الأمن الوطني

بدأ مكتب الأمن الوطني الصومالي مشاورات تستمر ثلاثة أيام في العاصمة مقديشو، بمشاركة ممثلين عن الولايات الإقليمية ومسؤولين من المؤسسات الأمنية المختلفة، لبحث سبل تطوير الإطار التشريعي والإداري لقطاع الأمن.
وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز التعاون الأمني في الصومال على المستويين الفيدرالي والإقليمي، وتوحيد آليات التنسيق بين الحكومة المركزية والولايات في مواجهة التهديدات المتزايدة.
وتسعى المشاورات إلى وضع تصور واضح لأدوار ومسؤوليات الهيئات الأمنية من مجلس الأمن الوطني إلى مكاتب الأمن الإقليمية ضمن إطار الأمن الوطني المحدّث لعام 2023، بما يضمن إدارة أكثر تماسكًا للقطاع وتوزيعًا منصفًا للسلطات الأمنية.
ويرى مراقبون أن هذه الجهود تمثل أساسًا لإرساء حوكمة رشيدة في منظومة الدفاع، تمهيدًا لبناء مؤسسات قادرة على حماية السيادة الصومالية وضمان الاستقرار طويل الأمد.
السويد تدعم جهود مقديشو في مكافحة الإرهاب

وفي سياق متصل، استقبلت مقديشو وزير الدفاع السويدي بول جونسون في زيارة رسمية، حيث التقى نظيره الصومالي أحمد ماكالين فقي.
وتركز اللقاء على تعزيز التعاون الأمني في الصومال وتبادل الخبرات في مجالات التدريب والدفاع ومكافحة الإرهاب، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها البلاد مع جماعتي حركة الشباب وتنظيم داعش.
وأعرب الوزير فقي عن تقدير بلاده للدعم السويدي المستمر، مؤكدًا أن التعاون الأمني في الصومال مع الدول الأوروبية ساهم في تعزيز قدرات الجيش الوطني وتحقيق قدر أكبر من الاستقرار.
من جانبه، شدد الوزير السويدي على التزام بلاده بمواصلة دعم مقديشو في جهودها لبناء مؤسسات أمنية قوية، مشيرًا إلى أن السويد كانت من الدول التي ساهمت في إلغاء ديون الصومال لدى صندوق الأمم المتحدة للتنمية الزراعية، وقدمت مساعدات تنموية لدعم الاستقرار الاقتصادي والأمني.
تلاقي المسارين الداخلي والدولي: نحو منظومة دفاعية متكاملة

يؤشر تزامن المشاورات الداخلية والزيارة السويدية إلى تحول نوعي في التعاون الأمني في الصومال، يجمع بين إصلاح البنية التشريعية وتنمية القدرات الدفاعية عبر الشراكات الدولية.
فبينما تعمل الحكومة الصومالية على بناء هياكل أمنية أكثر كفاءة وتنسيقًا، تساهم السويد في توفير الدعم الفني والاستراتيجي لتقوية المؤسسات الأمنية الوطنية.
هذا التلاقي بين الداخل والخارج يعكس إدراكًا متزايدًا لدى القيادة الصومالية بأهمية الدمج بين الإصلاح المؤسسي الداخلي والإسناد الدولي المنظم، من أجل تحقيق أمن مستدام يواكب التحديات المتغيرة في المنطقة.
تعرف المزيد: هجوم حركة الشباب في مقديشو: القوات الصومالية تحبط أخطر عملية خلال 6 ساعات
مرحلة جديدة لمستقبل التعاون الأمني في الصومال
تمثل التطورات الأخيرة نقطة تحول في مشهد التعاون الأمني في الصومال، إذ لم تعد العلاقة بين الحكومة والشركاء الدوليين مقتصرة على الدعم المالي أو العسكري، بل أصبحت قائمة على التخطيط المشترك وبناء القدرات طويلة الأجل.
ويرى محللون أن الجمع بين إصلاح الحوكمة الداخلية والانفتاح على الشركاء الدوليين هو مفتاح استقرار الصومال خلال السنوات القادمة.
ومع استمرار المشاورات الأمنية في مقديشو، وازدياد التفاعل مع الحلفاء الدوليين، يبدو أن التعاون الأمني في الصومال يسير بخطى ثابتة نحو بناء منظومة دفاعية أكثر مهنية واستقلالية تعيد رسم ملامح الأمن والاستقرار في القرن الأفريقي.