أصدرت منظمة “أنقذوا الأطفال” تحذيرًا صادمًا ما يقرب من 1.8 مليون طفل دون سن الخامسة في الصومال قد يواجهون خطر سوء التغذية في الصومال بحلول منتصف عام 2026. هذا الرقم المرعب لا يمثل مجرد إحصائية، بل ناقوس خطر ينذر بمستقبل غامض لجيل كامل، في وقت تتقاطع فيه الأزمات المناخية والاقتصادية بالإضافة الي نقص الدعم الدولي.
لماذا وصل الوضع إلى هذا الحد؟

الأسباب متعددة، لكنها مترابطة بشكل يجعل الخروج من الأزمة أكثر تعقيدًا. فقد ضربت الفيضانات مناطق واسعة، بينما عانت مناطق أخرى من الجفاف الشديد، وتزامن ذلك مع ارتفاع مستمر لأسعار المواد الغذائية بشكل جنوني. ومع استمرار الصراعات المختلفة، تراجعت قدرة الأسر على الصمود. والنتيجة كانت ارتفاع معدلات الجوع بنسبة 30% في عموم البلاد.
هذه الظروف خلقت بيئة مثالية لتفشي سوء التغذية في الصومال، خاصة في الجنوب حيث كان التأثير أكبر وأكثر قسوة على الأطفال.
أرقام تكشف حجم الكارثة

- 4.4 مليون شخص أي ربع السكان مهددون بانعدام الأمن الغذائي الحاد بنهاية عام 2025.
- أكثر من 921 ألف شخص يواجهون المرحلة الرابعة (الطوارئ) وفق التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
- 1.85 مليون طفل معرضون لخطر سوء التغذية في الصومال بحلول يوليو 2026، بزيادة 9% عن التقديرات السابقة.
هذه الأرقام لا تعكس فقط نقص الغذاء، بل تعكس انهيارًا في النظام الصحي والاجتماعي يترك الأطفال في مواجهة الموت دون حماية.
أثار خفض المساعدات
مع تراجع التمويل الدولي، اضطرت منظمات إنسانية مثل “أنقذوا الأطفال” إلى إغلاق ربع مراكزها الصحية والتغذوية. النتيجة: أكثر من 55 ألف طفل حُرموا من خدمات أساسية كان يمكن أن تنقذ حياتهم.
إن حرمان آلاف الأطفال من العلاج يعني أن سوء التغذية في الصومال لم يعد مجرد أزمة يمكن احتواؤها، بل تهديد حقيقي لمستقبل البلاد بأسره.
اضطرابات المناخ وتفشي الأمراض

التغير المناخي يزيد الطين بلة. جفاف يليه فيضان، أراضٍ زراعية مدمرة، ومجتمعات تفقد مصادر رزقها. ومع ضعف التغطية التطعيمية، تنتشر أمراض مثل الدفتيريا والحصبة. الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الصومال هم الأكثر هشاشة أمام هذه الأمراض، ما يضاعف خطر وفاتهم.
تداعيات اجتماعية خطيرة
الأطفال الذين لا يحصلون على غذاء كافٍ يواجهون صعوبات في النمو الجسدي والعقلي. هذا يعني أن جيلًا كاملًا قد يفقد القدرة على التعلم والإنتاجية مستقبلًا. الأزمة إذن لا تقتصر على صحة اليوم، بل تمتد لتقويض مستقبل التنمية في الصومال.
هل هناك أمل؟
رغم قتامة المشهد، لا يزال الأمل ممكنًا إذا ما تحرك المجتمع الدولي بسرعة. الحلول العاجلة تتضمن:
- زيادة التمويل لخدمات الصحة والتغذية.
- دعم حملات التطعيم لمنع تفشي الأمراض.
- الاستثمار في الزراعة المستدامة لمواجهة آثار المناخ.
- تعزيز قدرات المجتمعات المحلية على الصمود.
هذه التدابير يمكن أن تُحدث فارقًا ملموسًا في تخفيف سوء التغذية في الصومال وإنقاذ حياة مئات الآلاف من الأطفال.
تعرف المزيد: مكافحة ختان الإناث في الصومال: خطوة قانونية أم معركة ثقافية طويلة الأمد؟
يبقى السؤال الذي طرحه هذا التقرير عنوانًا صارخًا: هل ينجو 1.8 مليون طفل من سوء التغذية في الصومال؟
الإجابة تعتمد على مدى سرعة تحرك المجتمع الدولي وتراجع الجهات المانحة عن خفض تمويلها. إنقاذ جيل كامل ليس رفاهية، بل مسؤولية إنسانية عاجلة، و24 سبتمبر 2025 قد يُسجَّل كتاريخ مفصلي يحدد مستقبل ملايين الأطفال في الصومال.