في خطاب مثير للجدل أمام أكثر من 800 جنرال في قاعدة كوانتيكو بولاية فرجينيا، فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب مفاجأة مدوية حين أعلن أن التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال لم يعد من أولويات واشنطن. تصريحات ترامب، التي تزامنت مع قرار مجلس الأمن بتشكيل قوة جديدة لمحاربة العصابات المسلحة في هايتي، وضعت مستقبل الشراكات الأمنية الأميركية في أفريقيا على المحك.
تاريخ طويل من الشراكة العسكرية

على مدى عقود، شكل التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال حجر الأساس في مواجهة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
في كينيا، تستضيف قاعدة “ماندا باي” في مقاطعة لامو مئات الجنود الأميركيين.
في الصومال، لعب الدعم الأميركي دورًا محوريًا في عمليات محاربة حركة الشباب.
لكن تصريحات ترامب الأخيرة تهدد بقطع هذا الامتداد التاريخي، وهو ما يثير قلق الحلفاء الإقليميين.
بعثة هايتي: التزامات متناقضة

في الوقت الذي أعلن فيه ترامب رغبته في تقليص الالتزامات العسكرية بالخارج، وافق مجلس الأمن على تشكيل قوة دولية جديدة لمكافحة العصابات المسلحة في هايتي، بدعم أميركي مباشر.
نيروبي أبدت رغبتها في الانضمام لهذه القوة بعد انتهاء ولايتها في قيادة بعثة أمنية سابقة، لكنها تواجه تحديًا: كيف يمكنها الاستمرار دوليًا إذا تراجع التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال؟
ترامب والعدو من الداخل

خلال خطابه، قال ترامب إن أميركا تتعرض “لغزو داخلي” أصعب من أي عدو خارجي، مشددًا على ضرورة نشر الجيش داخل مدن مثل شيكاغو وسان فرانسيسكو.
هذا الخطاب يعكس تحوّلًا جذريًا: من التركيز على دعم الحلفاء الخارجيين إلى مواجهة ما يعتبره ترامب تهديدات داخلية. إذا تحولت هذه الرؤية إلى سياسة رسمية، فإن التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال سيكون من أبرز الضحايا.
قلق كيني وصومالي من تراجع واشنطن

قلق كيني من تراجع واشنطن
تجد كينيا التي حصلت العام الماضي على صفة “حليف رئيسي من خارج الناتو” من إدارة بايدن، نفسها اليوم أمام موقف متناقض. فهي تعتمد على الشراكة مع واشنطن ليس فقط عسكريًا بل أيضًا سياسيًا واقتصاديًا، خصوصًا في ظل دورها الإقليمي في محاربة الإرهاب وقيادة بعثات حفظ السلام. تصريحات ترامب تجعل نيروبي أمام تحدٍ صعب: كيف تحافظ على مكانتها الدولية إذا تراجع التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال؟
الصومال بين القلق والانتظار
في مقديشو، أثارت تصريحات ترامب نقاشًا واسعًا بين السياسيين والمحللين، خاصة أن الصومال يعتمد بشكل كبير على الدعم الأميركي في تدريب قواته الخاصة وتوجيه الضربات الجوية ضد حركة الشباب. يرى مراقبون أن أي تراجع في التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال قد يترك فراغًا أمنيًا خطيرًا داخل البلاد، في وقت ما زالت فيه الحكومة الفيدرالية تسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية. ويخشى البعض أن يدفع هذا التراجع الصومال للبحث عن بدائل أمنية مع قوى دولية مثل الاتحاد الأوروبي، وهو تحول قد يغير موازين النفوذ في القرن الأفريقي.
انعكاسات على القرن الأفريقي
قد يفتح ضعف أو انهيار التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال الباب أمام قوى منافسة مثل الصين وروسيا لتعزيز حضورها في المنطقة. هذا الفراغ الاستراتيجي لن يؤثر فقط على الصومال وكينيا، بل قد يمتد ليهدد أمن البحر الأحمر وخطوط الملاحة العالمية.
تعرف المزيد: دعم المملكة المتحدة للصومال: تمويل جديد يعزز الأمن والاستقرار في 2025
تمثل تصريحات ترامب تحولًا استراتيجيًا قد يعيد رسم ملامح الأمن الإقليمي في القرن الأفريقي. وبينما يركز على الداخل الأميركي، يبقى السؤال مفتوحًا: هل نشهد نهاية مرحلة كاملة من التعاون العسكري بين أمريكا وكينيا والصومال، أم أن الأمر لا يتعدى كونه ورقة ضغط انتخابية عابرة؟