يُثير الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي أسئلة أبعد من تطوير الطيران المدني، إذ يتقاطع مع التنافس الجيوسياسي في البحر الأحمر والقرن الأفريقي. فهرجيسا لا تمثل فقط عاصمة أرض الصومال، بل موقعًا استراتيجيًا قريبًا من الممرات البحرية التي تشكل محور اهتمام القوى الإقليمية والدولية.
ومن اللافت أن هذا المشروع يأتي بعد استثمارات إماراتية بارزة في ميناء بربرة، ما يجعل البنية التحتية الجوية والبحرية لأرض الصومال مرتبطة بشكل وثيق بالمصالح الاقتصادية والسياسية لأبوظبي.
70 مليون دولار لإعادة رسم خريطة الطيران

يمثل الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي، بقيمة 70 مليون دولار، أكبر اتفاقية في قطاع الطيران بأرض الصومال حتى الآن. هذا التمويل الضخم من شأنه أن يغير شكل حركة التجارة والسفر، ويمنح هرجيسا فرصة للانفتاح على أسواق جديدة.
اقتصاديًا، سيُسهم المشروع في تحفيز قطاعات البناء والتشييد، ويعزز من قدرة العاصمة على استيعاب شركات الطيران العالمية. كما يُتوقع أن ينعكس على قطاع التعدين والتجزئة، ما يفتح الباب أمام دورة اقتصادية متسارعة.
من الأسواق التراثية إلى السياحة الجوية

لا يمكن إغفال البعد السياحي لمثل هذا المشروع. فمدينة هرجيسا، بما تملكه من أسواق تقليدية ومراكز تسوق حديثة، تستعد لتكون وجهة واعدة للزوار. منذ أن أعلنت العربية للطيران عام 2017 إضافة هرجيسا إلى شبكتها، بدأت حركة السياحة تنمو بشكل تدريجي.
ومع توسع الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي، تصبح المدينة قادرة على استقبال المزيد من السياح، ما يمزج بين الأصالة المحلية وفرص الترفيه الحديثة، ويجعل المطار بوابة سياحية إلى أرض الصومال.
هرجيسا تنافس جيرانها

في سياق التنافس الإقليمي، يطرح هذا التطور سؤالًا محوريًا: هل يمكن لمطار هرجيسا منافسة مطارات إقليمية كأديس أبابا وجيبوتي؟
الموقع الجغرافي الاستراتيجي، مقرونًا بـ الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي، قد يمنح أرض الصومال ورقة قوية لاستقطاب شركات طيران جديدة. ومع تزايد الطلب على الربط الجوي بالقرن الأفريقي، قد يتحول المطار إلى نقطة عبور إقليمية بدلًا من مجرد محطة محلية.
فرص عمل وتحولات حضارية
على المستوى الاجتماعي، يحمل المشروع وعودًا ملموسة لسكان العاصمة. فمع توسع الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي، ستتوفر مئات الوظائف المباشرة في مجالات الطيران والخدمات الأرضية، إلى جانب آلاف الوظائف غير المباشرة في قطاعات البناء، النقل، والسياحة.
كما سيعيد المطار الحديث تشكيل المشهد الحضري في هرجيسا، مع ازدياد الطلب على الفنادق، المطاعم، والخدمات المرتبطة بقطاع السفر. بالنسبة للشباب، يمثل هذا المشروع نافذة أمل وفرص تدريب وتأهيل في صناعة الطيران.
تعرف المزيد: 5 محاور ترسم ملامح الاقتصاد الإبداعي في العالم
باختصار النظر الي الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي
باختصار، لا يُمكن النظر إلى الاستثمار الإماراتي في مطار هرجيسا الدولي كصفقة بنية تحتية فقط، بل كخطوة استراتيجية تعيد رسم موازين الاقتصاد والسياسة والسياحة في أرض الصومال. بين تعزيز النفوذ الإقليمي، وتحريك عجلة التنمية المحلية، يقف هذا المشروع كمعلم بارز في مسيرة التحول التي تعيشها المنطقة.