في خطوة استراتيجية جديدة، شارك خفر السواحل الصومالي مؤخرًا في المنتدى المتوسطي لوظائف خفر السواحل (MCGFF) الذي استضافته العاصمة الإيطالية روما. المشاركة جاءت بدعم من بعثة الاتحاد الأوروبي لبناء القدرات في الصومال، التي لعبت دورًا محوريًا في تيسير هذا الحضور وفتح قنوات تعاون ثنائية مع خفر السواحل الإيطالي. هذه المشاركة لا تمثل مجرد حدث بروتوكولي، بل تؤشر إلى مرحلة جديدة يسعى فيها الصومال إلى تثبيت حضوره البحري الإقليمي والدولي.
18شهر من الإنجازات .. خفر السواحل الصومالي

على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، استطاعت بعثة الاتحاد الأوروبي وشركاؤها المحليون تحقيق تقدم ملموس في تدريب وتجهيز خفر السواحل الصومالي. فقد تم إنشاء أول مركز لتنسيق عمليات الإنقاذ البحري في مقديشو، وهو إنجاز تاريخي يمنح الصومال القدرة على إدارة الكوارث البحرية والاستجابة لحوادث الغرق أو الحوادث الطارئة في مياهها الإقليمية.
كما شملت البرامج التدريبية مجالات متعددة ومختلفة مثل الملاحة التقديرية، الملاحة باستخدام الرادار، الأرصاد الجوية، وإجراءات التشغيل القياسية لحالات الطوارئ في البحر. هذه الخطوات تعكس تحولًا نوعيًا من الاعتماد على المساعدة الدولية إلى بناء قدرات وطنية أكثر استقلالية وتماسكًا.
شراكة متينة مع بعثة الاتحاد الأوربي

خفر السواحل الصومالي لم يكن حضوره في المنتدى مجرد مشاركة رمزية، بل جسّد شراكة متينة مع الاتحاد الأوروبي وخفر السواحل الإيطالي. الاجتماعات الثنائية في روما فتحت الباب لتعزيز التنسيق العملياتي وتبادل الخبرات، مما يضع الصومال على خريطة التعاون البحري المتوسطي.
وجود ضباط إيطاليين ضمن بعثة الاتحاد الأوروبي في مقديشو، مثل القائد باولو مارجادونا والقائد كارمين بيرلاندو، ساهم في تطوير خطط تدريبية متقدمة وتقديم استشارات بحرية عالية المستوى، ما يرفع من جاهزية الكوادر الصومالية.
خفر السواحل الصومالي والأمن البحري الإقليمي

تأتي هذه الجهود في وقت حساس، حيث تمثل المياه الصومالية نقطة عبور رئيسية للتجارة العالمية عبر البحر الأحمر وخليج عدن. تعزيز قدرات خفر السواحل الصومالي يعني حماية طرق الملاحة من تهديدات مثل التهريب والقرصنة والأنشطة غير المشروعة.
كما أن دمج الصومال في شبكة البحث والإنقاذ المتوسطي يساهم في توسيع نطاق التعاون الإقليمي مع دول شرق أفريقيا وشمال المتوسط، بما يعزز الأمن البحري الجماعي.
من مكافحة القرصنة إلى بناء اقتصاد أزرق

خلال العقدين الماضيين، ارتبط اسم الصومال بالقرصنة البحرية التي هددت التجارة العالمية. غير أن مشاركة خفر السواحل الصومالي اليوم في مبادرات بحث وإنقاذ متطورة تمثل تحولًا في الصورة الذهنية. هذا التحول لا يخدم الأمن فقط، بل يفتح الباب أمام استثمارات في قطاع “الاقتصاد الأزرق” مثل الصيد البحري المستدام، حماية الموارد البحرية، وتنمية الموانئ.
وبذلك يصبح تطوير القدرات البحرية عنصرًا رئيسيًا ليس فقط في الأمن القومي، بل أيضًا في دعم النمو الاقتصادي.
التطلع إلى مستقبل مشرق
المشاركة في المنتدى المتوسطي لم تكن نهاية المطاف، بل بداية لمسار أوسع يسعى من خلاله خفر السواحل الصومالي للوصول إلى الجاهزية الكاملة. الأهداف المستقبلية تشمل تعزيز التعاون مع دول الجوار في شرق أفريقيا، وإطلاق تدريبات مشتركة مع قوات أوروبية، وتطوير أنظمة مراقبة حديثة للسواحل.
هذه الخطوات إذا استمرت بوتيرتها الحالية، قد تجعل الصومال لاعبًا أساسيًا في منظومة الأمن البحري الدولي خلال السنوات القادمة.
تعرف المزيد: دليل الاستثمار في الإيثريوم ETH 2025: خطوة بخطوة لتحقيق النجاح
ما بين بناء القدرات المحلية والدخول في شراكات إقليمية، يمضي خفر السواحل الصومالي في مسار تصاعدي يعكس إرادة حقيقية لإعادة رسم صورة الصومال كدولة قادرة على حماية مياهها الإقليمية والمساهمة في أمن الملاحة العالمية. المنتدى المتوسطي كان محطة مهمة، لكنه بالتأكيد لن يكون الأخيرة في رحلة الصومال نحو بناء قوة بحرية قادرة وفاعلة.