تجد قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال نفسها مجددًا في قلب الجدل بعد واقعة مثيرة في إقليم هيران، أعادت إلى الواجهة النقاش حول علاقتها بالمجتمع المحلي وسلوك بعض عناصرها. ففي مدينة بولوبوردي، قُتل جندي جيبوتي من البعثة الدولية يوم الأربعاء 27 أغسطس بعد نزاع مع مدني، في حادثة أثارت صدمة وجدلًا واسعًا بين السكان.
تفاصيل الحادثة

وبحسب مصادر أمنية محلية، كان الجندي الجيبوتي داخل مقهى شعبي حين دخل في نقاش مع امرأة محلية، ووجه إليها عبارات غير لائقة. وأفاد شهود أن أحد أفراد ميليشيا “ماويسلي” من عشيرة Xawaadle تدخل محذرًا الجندي أكثر من مرة، قبل أن يطلق النار عليه مرتين في الرأس ليفارق الحياة على الفور. السلطات المحلية أكدت أن منفذ الهجوم فر من الموقع، فيما لم تصدر قيادة قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال في بلدوين أي تعليق رسمي حتى الآن، كما لم تُكشف هوية الجندي القتيل.
ردود فعل محلية

أحدثت الجريمة ضجة كبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العديد من الشباب الصومالي أن ما قام به الجندي يُعد تصرفًا غير مقبول من عناصر أجنبية جاءت في إطار مهمة لحفظ السلام. في المقابل، وجه آخرون انتقادات لاستخدام القوة المميتة، مؤكدين أن مثل هذه الردود العنيفة من شأنها أن تزيد التوتر بين المدنيين وقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال، التي تُفترض أن مهمتها حماية السكان وليس الدخول في نزاعات شخصية.
الدور الجيبوتي ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي

تشارك جيبوتي بحوالي 1520 جنديًا في قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال، ويتمركزون بشكل رئيسي في مدينة بلدوين إلى جانب بولوبوردي وجلالقسي، ضمن ما يُعرف بالقطاع الرابع من مهام البعثة. ويؤكد محللون أن مشاركة جيبوتي عنصر أساسي في دعم العمليات العسكرية ضد الجماعات المسلحة، لكنها في الوقت نفسه تواجه تحديات كبيرة في كسب ثقة المجتمعات المحلية.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي تُثار فيها تساؤلات حول سلوك بعض أفراد قوات الاتحاد الأفريقي في الصومال. فقد وثقت تقارير حقوقية محلية ودولية حوادث تضمنت اعتداءات جنسية واستغلالًا ضد نساء وفتيات في مناطق مختلفة من البلاد. هذه الادعاءات ساهمت في إضعاف ثقة المواطنين بالبعثة الدولية، وأدت إلى بروز مطالبات متزايدة بضرورة مراقبة صارمة ومحاسبة أي عناصر ينتهكون القوانين أو يسيئون استغلال موقعهم.
تحديات العلاقة بين المدنيين والقوات الدولية
يرى مراقبون أن استمرار هذه الحوادث يقوض الثقة بين المجتمع المحلي وقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال، في وقت يُفترض فيه أن تكون العلاقة قائمة على حماية المدنيين وتعزيز الاستقرار. كما أن عدم صدور تعليق رسمي حتى الآن من القيادة الجيبوتية يزيد من حجم التساؤلات حول الشفافية وآليات المساءلة.
تعرف المزيد: الصومال على جبهتين.. إنجازات عسكرية ضد الإرهاب وتحديات سياسية متصاعدة
حادثة مقتل الجندي الجيبوتي في بولوبوردي تسلط الضوء مجدداً على التوتر القائم بين السكان المحليين وقوات الاتحاد الأفريقي في الصومال. وبينما يطالب البعض بمحاسبة أي عناصر يثبت تورطها في تجاوزات، يرى آخرون أن الردود المميتة تزيد من تعقيد المشهد. ويبقى التحدي الأكبر أمام البعثة الدولية هو إعادة بناء الثقة مع المجتمعات المحلية، وضمان أن تظل مهمتها في جوهرها حماية المدنيين ودعم الاستقرار.