لم يعد الحديث عن مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية مجرد أمنية بعيدة، بل أصبح واقعًا تتشكل ملامحه يومًا بعد يوم. فعلى الرغم من عقود من التحديات، بدأت البلاد تخطو خطوات جديدة نحو الاستقرار والازدهار. ما يميز المرحلة القادمة هو أن الصورة لم تعد محصورة في الأزمات، بل امتدت إلى رؤية مستقبلية تستند إلى الاقتصاد، التعليم، الشباب، المرأة، البنية التحتية، والسياسة
هذا التقرير يستعرض سبعة ملامح رئيسية تُعتبر مؤشرات مهمة على أن مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية يتجهان نحو أفق أكثر استقرارًا وتفاؤلًا، مدعومين بجهود داخلية وانفتاح خارجي.
1. الاقتصاد الصاعد: فرص استثمارية تنتظر الانطلاق

الاقتصاد يمثل المحرك الأساسي لأي دولة تتطلع للنهضة. في حالة الصومال، فإن الفرص الاقتصادية لا تُعد ولا تُحصى، لكنها تحتاج إلى إدارة ذكية واستثمارات طويلة الأمد.
الصومال يملك ساحلًا يُعتبر الأطول في قارة إفريقيا، ما يمنحه موقعًا استراتيجيًا للتجارة العالمية. قطاع الصيد البحري وحده قادر على أن يكون قاطرة للنمو إذا جرى استثماره بالشكل الأمثل.
كما أن الزراعة والرعي ما زالا يمثلان عماد الاقتصاد المحلي، ومع إدخال التكنولوجيا الحديثة يمكن مضاعفة الإنتاجية. هذه العوامل تجعلنا نرى أن مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية يحمل فرصًا كبيرة للتحول من الاعتماد على المساعدات الخارجية إلى تحقيق اكتفاء ذاتي وربما التصدير للأسواق العالمية.
2. التعليم: صناعة أجيال تقود المستقبل

التعليم هو البوابة الذهبية لبناء الأمم. خلال العقود الماضية، عانى قطاع التعليم في الصومال من الإهمال بسبب الاضطرابات، لكن السنوات الأخيرة شهدت عودة الاهتمام بشكل ملحوظ.
المدارس والجامعات الخاصة بدأت في الانتشار، مع مبادرات منظمات محلية ودولية لدعم التعليم الأساسي. كذلك، أصبح التعليم عن بعد أداة فعالة للوصول إلى الطلاب في المناطق النائية.
الاستثمار في التعليم لا يعني فقط محو الأمية، بل إعداد جيل قادر على استخدام التكنولوجيا والعلوم الحديثة لبناء مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية على أسس متينة. وإذا استمرت هذه الجهود، فإن الأجيال القادمة ستقود عملية التحول الكبرى التي يحلم بها الشعب.
3. الشباب: طاقة لا حدود لها

تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 70% من سكان الصومال من فئة الشباب، وهذا يمثل فرصة ذهبية. فالشباب هم وقود النهضة وصناع الابتكار.
كثير من الشباب الصومالي بدأوا في الدخول إلى مجالات جديدة مثل ريادة الأعمال، التكنولوجيا، والابتكار الرقمي. هناك تطبيقات محلية وخدمات مالية إلكترونية ظهرت من داخل الصومال، وأصبحت جزءًا من الحياة اليومية.
إشراك الشباب في عملية صنع القرار السياسي والاجتماعي هو الطريق الأمثل لبناء مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. فحين يشعر هؤلاء الشباب أنهم شركاء حقيقيون في البناء، فإنهم يتحولون إلى قوة إنتاجية هائلة قادرة على إحداث تغيير حقيقي.
4. المرأة: نصف المجتمع وقلب التنمية

لا يمكن الحديث عن نهضة من دون الحديث عن دور المرأة. في الصومال، أثبتت النساء قدرة عالية على الصمود والمشاركة الفاعلة في المجتمع، سواء من خلال إدارة المشاريع الصغيرة أو المشاركة في السياسة أو التعليم.
تمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا يعني مضاعفة قدرة المجتمع على مواجهة التحديات. وعندما تحصل المرأة على فرص عادلة في العمل والتعليم، فإنها تساهم في بناء جيل جديد أكثر وعيًا وإصرارًا.
إن إدماج المرأة بشكل أكبر في الحياة العامة يضمن أن مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية سيكون أكثر عدلًا وتوازنًا، ما يسرّع خطوات التنمية ويعزز الاستقرار.
5. البنية التحتية: أساس النهضة الحديثة

الطرق، الموانئ، المطارات، وشبكات الاتصالات هي الأعمدة الأساسية لأي اقتصاد ناجح. رغم التحديات الأمنية والسياسية، تشهد الصومال جهودًا متزايدة لتحسين البنية التحتية.
في العاصمة مقديشو وعدد من المدن الأخرى، هناك مشاريع لإعادة تأهيل الطرق والمطارات، إلى جانب خطط لمد شبكات الكهرباء والمياه. كما أن خدمات الاتصالات والإنترنت أصبحت متوفرة بشكل أفضل مما كانت عليه قبل سنوات قليلة.
هذه التطورات الصغيرة تمثل حجر الأساس في بناء مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تُمهّد الطريق أمام الاستثمارات وتسهّل حركة التجارة وتربط المدن والمجتمعات ببعضها البعض.
6. السياسة والأمن: نحو استقرار دائم

لا يمكن لأي نهضة أن تتحقق من دون استقرار سياسي وأمني. السنوات الماضية شهدت جهودًا كبيرة في مجال المصالحة الوطنية وبناء مؤسسات الدولة. رغم التحديات المستمرة، فإن المؤشرات تدل على تحسن تدريجي في الوضع الأمني.
الدعم الدولي إلى جانب الإرادة المحلية يشكلان عنصرين أساسيين في رسم ملامح الاستقرار. ومع بناء جيش وشرطة وطنية قوية، ستتمكن البلاد من بسط سلطتها على كامل أراضيها.
إن استقرار الوضع السياسي والأمني هو الشرط الأساسي لتحقيق باقي الأحلام، وهو ما يجعل مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية أقرب من أي وقت مضى إلى الاستقرار الدائم.
7. الانفتاح على العالم: جسور تعاون جديدة

في ظل العولمة، لم يعد أي بلد قادرًا على العيش بمعزل عن الآخرين. الصومال بدأت تفتح أبوابها أمام العالم من جديد، سواء عبر الاستثمارات أو التعاون السياسي أو العلاقات الثقافية.
الوجود الصومالي في المنظمات الإقليمية والدولية يتزايد، وهناك توجه لإعادة دمج البلاد في الاقتصاد العالمي. كذلك، فإن جاليات الصوماليين في الخارج تلعب دورًا مهمًا في دعم الاقتصاد المحلي من خلال التحويلات المالية والخبرات المكتسبة.
هذه الجسور مع العالم الخارجي تمثل عنصرًا محوريًا في تشكيل مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث تمنح البلاد مكانة جديدة على الخريطة الدولية وتفتح أمامها فرصًا أكبر للتطور.
تعرف المزيد: الصراع بين الحكومة الفيدرالية والولايات في الصومال.. معركة مبكرة على طريق انتخابات 2026
من الماضي إلى الغد
رحلة الصومال لم تكن سهلة، وما زال الطريق طويلًا، لكن الإرادة الشعبية والحراك الشبابي والتحولات الاقتصادية والتعليمية كلها عوامل تؤكد أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح.
إن مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لن يُبنى بين ليلة وضحاها، لكنه يُصنع يومًا بعد يوم بالعمل، بالأمل، وبالإصرار على تجاوز العقبات. وفي ظل هذه الملامح السبعة التي استعرضناها، يمكن القول إن البلاد تقف على أعتاب مرحلة جديدة، عنوانها الأمل، وقصتها الحقيقية لم تُكتب بعد.