التعليم الجامعي للفتيات في الصومال، في بلدٍ أرهقته الحرب الأهلية وأرهقته التقاليد، استمر التعليم حلمًا صعب التحقيق للفتيات. الأرقام تكشف واقعًا مؤلمًا، حيث ان أقل من ثلث النساء في الصومال يعرفن القراءة والكتابة، ومعظم الطالبات يتوقفن عن الدراسة قبل بلوغ المرحلة الثانوية. وبينما يملأ الأولاد المقاعد الأمامية في الفصول، تغيب الفتيات واحدة تلو الأخرى، لتذوب أحلامهن في دوامة الفقر والزواج المبكر والقيود الاجتماعية المختلفة.
وسط هذا المشهد المحزن، تلمع قصة أميرة أنشور كنموذج استثنائي يثبت أن الإصرار قادر على كسر الحواجز وإعادة تعريف معنى الأمل.
1- التعليم الجامعي للفتيات في الصومال بين الواقع والحلم..

يُعد الوصول إلى التعليم الجامعي للفتيات في الصومال تحديًا ليس بيسير. فضعف نسب الإلمام بالقراءة والكتابة، وارتفاع معدلات التسرب، كلها عوامل تجعل مقعد الجامعة بالنسبة للكثيرات أقرب إلى الحلم منه إلى الحقيقة. ومع ذلك، تظل قصص النجاح الفردية مثل تجربة أميرة أنشور دليلًا حيًّا على أن الاستثمار في تعليم الفتيات ليس رفاهية كما تدعي العادات والتقاليد، بل هو الطريق نحو تغيير المجتمع من الداخل.
2- من مقديشو إلى تورنتو.. بداية رحلة جديدة.

نشأت أميرة في مقديشو وسط الحرب الأهلية، حيث كانت التفجيرات تُفرغ المدارس عامًا بعد عام. لكن بدلًا من ان تستسلام، رأت أن استمرارها في الدراسة ضرورة حياتية. حين كانت في الثالثة عشرة، بدأت في تعليم صديقاتها القراءة باللغة الصومالية بعد حصص القرآن، لتصبح معلمة صغيرة تحاول كسر الصمت.
هذه هي بداية الطريق أمامها نحو التعليم الجامعي للفتيات في الصومال، كقضية شخصية تؤمن بها وتسعى لترسيخها من خلال تجربتها الخاصة.
3- التكنولوجيا وسيلة في طريقها..

اكتشافها لعالم البرمجة فتح أمامها أبوابًا جديدة. علمت زملاءها لغة بايثون، وشاركت في تصميم برامج تساعد الطلاب على تطوير مواقع إلكترونية وألعاب. بالنسبة لها، التكنولوجيا ليست مجرد مهارة، بل وسيلة لتوسيع نطاق التعليم الجامعي للفتيات في الصومال، خصوصًا في بيئة تعاني من ضعف البنية التحتية والكثير من التحديات والصعوبات.
4- منحة بيرسون.. خبر مدهش في شهر رمضان

حين حصلت أميرة على منحة “ليستر ب. بيرسون” للدراسة في جامعة تورنتو، أدركت أن التعليم الجامعي للفتيات في الصومال ليس حلمًا مستحيلًا. المنحة، التي تغطي أربع سنوات من الدراسة والإقامة، مخصصة للطلاب المتميزين عالميًا. بالنسبة لها، كان قبولها خبرًا لا يُصدق في شهر رمضان.
تقول أميرة: كنت في حالة إنكار، لم أصدق أنني سأسافر لأكمل دراستي الجامعية، وهو ما يجعلها اليوم قدوة لكل من تسعى وراء التعليم الجامعي للفتيات في الصومال.
5- دور المعلمين ركيزة اساسية
رغم موهبتها، لم تكن رحلة أميرة لتكتمل دون دعم معلميها، وخاصة “المعلم علي” الذي ساعدها على استكمال المواد العلمية بعد انقطاعها لفترة بسبب ضائقة مالية. قصتها تذكير حي بأن التعليم الجامعي للفتيات في الصومال يتطلب أيضًا معلمين مؤمنين بقدرات طالباتهم، قادرين على تقديم الدعم النفسي والأكاديمي.
6- تجربة إنسانية في كندا.. الشتاء الأول
بعيدًا عن قاعات الدرس، هناك تفاصيل إنسانية تضيف طابعًا خاصًا لتجربة أميرة. فهي تنتظر أول شتاء كندي بكل تفاصيله المختلفة، من الثلج إلى الأنشطة الجامعية. وتقول إن هذا الانتقال من مقديشو إلى تورنتو جعلها ترى التعليم الجامعي للفتيات في الصومال من زاوية أوسع: إذ يمكن للفتيات أن يحلمن بمستقبل مختلف خارج حدود بلادهن، ثم يعدن بخبراتهن للمساهمة في التغيير.
7- رسالة من الواقع لتحقيق الحلم
اليوم، أميرة لا تعتبر نفسها مجرد طالبة حصلت على منحة، بل نموذجًا حيًا لما يمكن أن يحدث حين تتاح الفرصة. وهي تؤكد أن التعليم الجامعي للفتيات في الصومال هو السبيل الحقيقي للنهوض بالمجتمع. تقول: “أعتقد أن التحاقي بجامعة تورنتو سيقنع الكثير من الفتيات في الوطن بإكمال تعليمهن. إذا استطعت أنا، فبإمكانهن أيضًا.
تعرف المزيد: الثقافة والفن في الصومال: شباب يبنون مستقبلًا مشرقًا بالإبداع والموسيقى
قصة أميرة أنشور تقدم لنا 7 دروس ملهمة عن الإصرار والفرص والإيمان بالعلم. إنها تؤكد أن التعليم الجامعي للفتيات في الصومال ليس مجرد حلم مؤجل، بل مشروع حياة قادرة على إعادة صياغة مستقبل وطن بأكمله. وبينما تستعد أميرة لكتابة فصل جديد في حياتها، فإن رسالتها تظل أوسع من حدود تجربتها الشخصية: كل فتاة صومالية تستحق أن تحصل على نفس الفرصة، وأن تكتب قصتها الخاصة.