في مقابلة حصرية مع وكالة الأنباء الوطنية الصومالية ، قدّمت سفيرة جمهورية الصومال الفيدرالية لدى الصين، الدكتورة هودان عثمان عبدي، رؤى معمّقة حول تطور العلاقات الصومالية الصينية، والتي تمتد جذورها إلى قرون مضت، وتدخل اليوم فصلًا جديدًا يركز على الاستقلال الاقتصادي وبناء القدرات البشرية.
العلاقات الصومالية الصينية عمرها 600 عام
كانت الصومال أول دولة في شرق إفريقيا تُقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع جمهورية الصين الشعبية عام 1960. لكن كما أوضحت السفيرة هودان، فإن الروابط بين البلدين تعود إلى نحو 600 عام، حين أبحر المستكشف الصيني الشهير “تشنغ خه” إلى السواحل الصومالية، فاتحًا طريق الحرير البحري القديم.
واليوم، ومع إحياء الصين لمبادرة “الحزام والطريق”، تستعد الصومال مجددًا للعب دور محوري في هذا المشروع العالمي.
العلاقات الصومالية الصينية: بوابة الصومال نحو العالم
شاركت الصومال مؤخرًا في اجتماعات دبلوماسية وتجارية رفيعة المستوى في الصين، بقيادة وزير الخارجية عبد السلام عبدي علي (ضَعي)، حيث عرض رواد أعمال صوماليون منتجات محلية لأول مرة في معرض الصين-إفريقيا الاقتصادي والتجاري (CAETE).
وقالت السفيرة هودان لوكالة سونا:
“يعتقد الكثيرون أن الصومال لا يملك شيئًا للتصدير، لكن هذا الحدث كسر تلك الصورة النمطية، وأثبت أن للمنتجات الصومالية قيمة وفرصًا حقيقية في الأسواق العالمية.”
وخلال الزيارة نفسها، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ إعفاء واردات الدول الإفريقية ذات العلاقات القوية مع الصين من الرسوم الجمركية، وهو ما وصفته السفيرة بأنه “خطوة مشجعة ومحورية لتمكين الصادرات الصومالية من دخول السوق الصينية”.
استثمار طويل الأمد في بناء القدرات الصومالية
أشارت السفيرة هودان إلى أن الصين تركز بشكل متزايد على الاستثمار في التعليم والتدريب المهني وبناء المؤسسات، معتبرة أن هذا النهج هو ما يصنع مستقبل الدول.
“المساعدات المالية مهمة في أوقات الأزمات، لكن ما يبني مستقبل الدولة حقًا هو قدرتها على الاعتماد على نفسها من خلال التعليم وتنمية المهارات.”
وأضافت أن الصين تقدم منحًا دراسية وفرص تدريب متقدمة للطلاب والمهنيين الصوماليين، وهو ما يعكس شراكة استراتيجية ناضجة.
واستشهدت بالمثل الصيني الشهير:
“أن تُعطي شخصًا سمكة خير من أن تُعلمه كيف يصطاد.”
وقالت: “هذا هو جوهر العلاقات الصومالية الصينية. نحن لا نتلقى المساعدة فقط، بل نتعلم كيف نساعد أنفسنا.”
الصومال في قلب طريق الحرير الجديد
أكدت السفيرة أن للصومال موقعًا استراتيجيًا فريدًا على المحيط الهندي، يجعله جسرًا طبيعيًا بين العالم العربي وإفريقيا. وقالت:
“مع تجديد الصين لمبادرة الحزام والطريق، تملك الصومال فرصة لتكون نقطة وصل رئيسية بين المحيط الهندي، والعالم العربي، وبقية القارة الإفريقية.”
من الماضي إلى المستقبل: العلاقات الصومالية الصينية تعيد كتابة قصة الصومال
اختتمت السفيرة حديثها بالتأكيد على أهمية اغتنام هذه اللحظة التاريخية:
“علينا أن نستثمر هذا الزخم لبناء مستقبل لا تُعرف فيه الصومال بالأزمات، بل بإمكانياتها ومساهمتها.”
العلاقات الصومالية الصينية تتطور اليوم نحو نموذج جديد من التعاون، يركز على النمو المشترك، والاعتماد على الذات، والتحرر من دوائر التبعية التي لطالما رافقت المساعدات الدولية.
تعرف المزيد على: أزمة سوء التغذية في الصومال تتفاقم وسط تخفيضات المساعدات..هل هناك مجال للنجاة؟
من رحلة “تشنغ خه” قبل ستة قرون، إلى التزامات الصين التجارية اليوم، تتشكل شراكة جديدة قد تعيد تعريف صورة الصومال عالميًا.