يشهد الاقتصاد الإبداعي في العالم تحولًا متسارعًا يجعله أحد أسرع القطاعات نموًا وأكثرها تأثيرًا في تشكيل المستقبل الاقتصادي. فقد تجاوز حجمه 2.9 تريليون دولار عام 2024، ومن المتوقع أن يلامس 3.02 تريليونات دولار في 2025. هذا النمو المدفوع بالرقمنة والتكنولوجيا يضع الإبداع في قلب الاقتصاد العالمي، ويعزز مكانة الصناعات الثقافية والفنية كرافعة حقيقية للتنمية.
التكنولوجيا والابتكار: منافسة أم شراكة؟

يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات تهدد المبدعين، لكن التجربة تثبت العكس؛ فالأدوات الرقمية أصبحت شريكًا أساسيًا للإنتاج الفني والثقافي. وبذلك يتضح أن الاقتصاد الإبداعي في العالم لا يتعارض مع التكنولوجيا كما يدعي، بل يتغذى عليها ليبتكر أشكالًا جديدة من الفنون والخدمات الرقمية الممزوجة بلمسة الابتكار والتطور التكنولوجي، مثل الواقع الافتراضي والميتافيرس.
من الهواية الإبداعية إلى الصناعة

الهوايات التقليدية مثل الرسم والموسيقى والحرف اليدوية تحولت إلى قطاعات اقتصادية بمليارات الدولارات. منصات التجارة الإلكترونية والبث الرقمي سمحت للمبدعين بتحويل أفكارهم إلى منتجات وخدمات قابلة للتصدير. وهكذا يتأكد أن الاقتصاد الإبداعي في العالم لم يعد رفاهية ثقافية، بل صناعة قائمة بذاتها تشغل ملايين العاملين وتفتح أبوابًا جديدة للتوظيف.
قوة ناعمة تعزز النفوذ الدولي

تسعى الحكومات إلى استثمار الاقتصاد الإبداعي في العالم كأداة دبلوماسية لتعزيز حضورها. فالثقافة والإبداع أصبحا قوة ناعمة تضاهي التجارة والسياسة. الإمارات على سبيل المثال، أطلقت استراتيجيتها الوطنية للصناعات الإبداعية عام 2021 بهدف رفع مساهمة القطاع إلى 5% من الناتج المحلي بحلول 2031، ما يعكس كيف يمكن للدول أن توظف الإبداع في سياساتها المستقبلية.
فرص وتحديات في العالم العربي

رغم الإرث الثقافي الغني، لا تزال مساهمة العالم العربي في الاقتصاد الإبداعي في العالم محدودة. مبادرات مثل شراكة مركز أبوظبي للغة العربية مع “أمازون العالمية” لإنشاء أكبر مكتبة رقمية عربية تفتح الباب لمرحلة جديدة من التفاعل الثقافي والاقتصادي. لكن التحديات قائمة: ضعف حماية الملكية الفكرية، هجرة المواهب، ونقص المناهج التعليمية التي تدعم الإبداع.
تعرف المزيد: الاقتصاد الصيني 2025 يسجل أضعف أداء منذ 2024.. صدمة أغسطس للعالم والمستثمرين
آفاق المستقبل..2030
يتوقع أن يساهم الاقتصاد الإبداعي في العالم بـ10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي بحلول 2030، مع توفير 50 مليون وظيفة جديدة، نصفها تقريبًا للنساء، وغالبية كبيرة منها للشباب. كما أن ارتباطه بالجيل Z، بالاقتصاد الأخضر، وبالأسواق الافتراضية مثل الميتافيرس، يجعل هذا القطاع أكثر مرونة وقدرة على مواجهة الأزمات، كما أثبت خلال جائحة كورونا.