في تحول رقمي لافت، تشهد موسوعة ويكيبيديا انخفاضًا غير مسبوق في حركة المستخدمين حول العالم. فبعد أن كانت الوجهة الأولى للباحثين عن المعلومة، أصبحت تواجه اليوم منافسة شرسة من تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ومقاطع الفيديو القصيرة التي غيّرت سلوك الجمهور الرقمي. هذا التراجع، الذي بلغت نسبته 8% على أساس سنوي، يعكس تحوّلًا جوهريًا في الطريقة التي يحصل بها الناس على المعرفة.
1. الذكاء الاصطناعي التوليدي يقدم الإجابات أسرع من ويكيبيديا
أصبحت أدوات مثل ChatGPT وGoogle Gemini توفر إجابات فورية دون الحاجة إلى زيارة المصادر الأصلية. وهنا تكمن المشكلة، إذ لم يعد المستخدم بحاجة إلى فتح ويكيبيديا للبحث عن المعلومة، بعدما صار الذكاء الاصطناعي يقوم بالمهمة نيابة عنه.
2. الفيديوهات القصيرة تغيّر عادات البحث
تفضيل الجمهور، خصوصًا الأجيال الأصغر، لمقاطع الفيديو القصيرة على منصات مثل يوتيوب وتيك توك أدى إلى تراجع الاعتماد على النصوص الطويلة. هذا التحول يجعل الذكاء الاصطناعي التوليدي شريكًا طبيعيًا في تقديم المحتوى البصري والمعلومات المختصرة بدلًا من قراءة صفحات ويكيبيديا التقليدية.
3. أدوات البحث الذكية تقلل من الزيارات المباشرة
مع دمج أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي داخل محركات البحث مثل جوجل وبينغ، يحصل المستخدم على ملخص مباشر دون مغادرة الصفحة. النتيجة؟ تراجع كبير في زيارات المواقع التي تعتمد على النقرات، وفي مقدمتها ويكيبيديا.
4. خوارزميات الذكاء الاصطناعي تغيّر ترتيب المعلومات
تقوم خوارزميات الذكاء الاصطناعي التوليدي بفلترة المعلومات وتقديمها بأسلوب سردي بسيط، ما يجعل تجربة المستخدم أكثر راحة. لكن في المقابل، يضعف هذا من فرص ظهور ويكيبيديا كمصدر رئيسي في نتائج البحث.
5. صعوبة التمييز بين الزيارات البشرية والآلية
واجهت مؤسسة ويكيميديا تحديًا في تحديد حركة المرور الحقيقية بعد اكتشاف كميات ضخمة من الزيارات “المزيفة”. ومع تطور روبوتات تعتمد على الذكاء الاصطناعي التوليدي لتقليد السلوك البشري، أصبح قياس التفاعل الفعلي أصعب من أي وقت مضى.
6. الانخفاض الحقيقي في الأرقام
بعد تحديث نظام تصفية الروبوتات، اتضح أن الانخفاض الحقيقي في حركة ويكيبيديا بلغ 8%، لتسجل أقل من 15 مليار زيارة شهرية. هذه الأرقام تُظهر التأثير المباشر لتوسع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي عالميًا على المواقع المعرفية المفتوحة.
7. خطر تراجع المتطوعين والمساهمين
يعتمد نجاح ويكيبيديا على المجتمع التطوعي الذي يُنشئ ويُحرر المقالات. ومع انخفاض الزوار، يتراجع عدد المتبرعين والمساهمين، ما يشكل تهديدًا مباشرًا لاستمرارية الموسوعة في مواجهة توسع الذكاء الاصطناعي التوليدي.
8. مفارقة الاعتماد على محتوى ويكيبيديا
من المفارقات أن معظم أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي تستمد بياناتها من ويكيبيديا ذاتها. أي أن الأداة التي تهددها اليوم تعتمد على محتواها بالأمس. ورغم ذلك، لا يُنسب الفضل دائمًا للمصدر الأصلي.
9. تحذيرات شركات التكنولوجيا
حذّر الرئيس التنفيذي لشركة “كلاودفلير” من أن أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي المدمجة في محركات البحث تُقلل من عدد زيارات الصفحات التي تنتج محتوى أصليًا، وهو ما يعزز المخاوف من تراجع النظام المعرفي القائم على المشاركة المفتوحة.
10. مستقبل ويكيبيديا في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي
يبقى السؤال المطروح: هل يمكن لويكيبيديا أن تتكيف مع الثورة الجديدة؟ الإجابة قد تعتمد على قدرتها في دمج الذكاء الاصطناعي التوليدي لصالحها، بدل أن يكون منافسًا يهدد وجودها. فالمعرفة ما زالت بحاجة إلى مصدر موثوق، حتى في عالم تحكمه الخوارزميات.
تعرف المزيد: الذكاء الاصطناعي وخصوصية المستخدم.. هل يراك “شات جي بي تي” ويسمعك فعلاً؟
يشير الخبراء إلى أن عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي لا يلغي الحاجة إلى الموسوعات الحرة، لكنه يجبرها على التطور. فبينما تتراجع الزيارات، تظل ويكيبيديا جزءًا أساسيًا من البنية المعرفية التي تُغذي تلك التقنيات ذاتها. وربما يكون المستقبل مزيجًا من التعايش بين الإنسان والآلة، لا صراعًا بينهما.