في الوقت الذي يستعد فيه العالم للاحتفال بـ يوم الأخبار العالمي 2025 تحت شعار “الحقائق مهمة”، يعيش الصحفيون في مقديشو واقعًا أكثر قسوة، حيث تتحول مهمة البحث عن الحقيقة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر قد تكلّفهم حياتهم. وبينما تتحد مئات غرف الأخبار عالميًا للتأكيد على قوة الصحافة القائمة على الحقائق، يتعرض الصحفيون الصوماليون للرصاص والتهديد والمنع من التغطية. هذه المفارقة تجسد جوهر النقاش: هل يمكن للصحافة أن تؤدي رسالتها في بيئات تُحاصر فيها الحقيقة يوميًا؟
ما هو يوم الأخبار العالمي 2025؟

تم الإعلان رسميًا عن يوم الأخبار العالمي 2025 ليقام في 28 سبتمبر، بالتزامن مع اليوم العالمي للوصول إلى المعلومات الذي أقرته الأمم المتحدة. يقوده منتدى المحررين العالمي التابع لـ WAN-IFRA بالتعاون مع مشروع “كونتينوم” ومؤسسة الصحافة الكندية. في عام 2024 شاركت أكثر من 800 غرفة أخبار من مختلف القارات، وفي 2025 من المتوقع أن يتسع هذا الرقم مع توفير مواد مجانية للحملة، من مقاطع فيديو على منصات التواصل الاجتماعي إلى مقالات رأي جاهزة للنشر.
فنسنت بيرين، الرئيس التنفيذي لـ WAN-IFRA، شدّد على أن الصحافة تواجه ضغوطًا متزايدة، من التضليل الإعلامي إلى الهجمات على حرية الصحافة، لكنّها تبقى “قوة حيوية في سبيل الحقيقة والمساءلة”. تصريحاته تعكس جوهر الاحتفال بـ يوم الأخبار العالمي 2025: إظهار أن الصحافة ليست رفاهية، بل خط دفاع أساسي ضد الأكاذيب.
الصحافة بين التضليل والذكاء الاصطناعي

يشير فنسنت بيرين، الرئيس التنفيذي لـ WAN-IFRA، إلى أن اعتماد الجمهور المتزايد على الذكاء الاصطناعي في الحصول على المعلومات يجعل من الصعب التمييز بين الحقيقة والتلفيق. هنا يبرز دور الصحافة الموثوقة، التي تتحقق من المعلومات وتضعها في سياقها وتتحمل مسؤوليتها.
إن يوم الأخبار العالمي 2025 يأتي ليذكّر بأن الصحافة هي خط الدفاع الأول و الأخير ضد الأكاذيب والتضليل الرقمي.
واقع الصحفيين في الصومال: تهديدات ومخاطر يومية

إذا كان التحدي في العالم هو التضليل والذكاء الاصطناعي، فإن التحدي في الصومال هو البقاء على قيد الحياة. ففي 24 سبتمبر، رافق 12 صحفيًا قادة المعارضة إلى مركز شرطة وارتا نابادا في مقديشو، قبل أن يتعرضوا لإطلاق نار أسفر عن مقتل شخصين وإصابة سبعة آخرين. ورغم أن أي صحفي لم يُقتل، إلا أن الخطر كان واضحًا، حيث فقدت خمس وسائل إعلام محلية معداتها بينما حاول المراسلون الهرب.
في اليوم التالي، 25 سبتمبر، منع رئيس البرلمان الصومالي عشرات الصحفيين المحليين من دخول المركز ذاته أثناء زيارته، وأُبقي الصحفيون في الخارج لأكثر من ساعتين تحت تهديد السلاح. هذه الحوادث تؤكد أن الاحتفال بـ يوم الأخبار العالمي 2025 لا يكتمل إلا إذا وُضعت مأساة الصحافة في مقديشو تحت الضوء.
أصوات من مقديشو.. روايات صحفيين نجوا بحياتهم
تقول الصحفية شكري آبي عبدي لشبكة الصحفيين الصوماليين (SJS): “زحفت بين الرصاص محاوِلةً العثور على مأوى، أصبت بكدمات لكنني نجوت.”
شهادتها تعكس صورة قاتمة لواقع الإعلام المحلي. خمسة صحفيين آخرين أكدوا أنهم يستعدون لتغطية مظاهرات المعارضة رغم المخاطر، مما يوضح إصرار الإعلاميين على أداء واجبهم المهني في ظل غياب الحماية.
ردود فعل الحكومة والمعارضة
الحكومة الصومالية سارعت إلى التحذير من المظاهرات المقررة يوم السبت، معتبرة أنها تهدد الأمن العام. وزير الدفاع وعمدة مقديشو حذروا المواطنين من المشاركة، في حين أصرت المعارضة على وصف المظاهرة بـ”السلمية”. وسط هذا الجدل، يظل الصحفيون بين المطرقة والسندان: متهمون من السلطة، ومستهدفون بالنيران أثناء عملهم.
هذه الأحداث تعكس معنى خاصًا لـ يوم الأخبار العالمي 2025: ففي حين يتجادل السياسيون حول شرعية الاحتجاجات، يصبح الصحفي هو الضحية الأولى، عاجزًا عن أداء وظيفته الأساسية في نقل الحقيقة.
رسالة اليوم العالمي: حماية الصحفيين حماية للحقيقة

المغزى الأعمق من يوم الأخبار العالمي 2025 هو أن الصحافة لا يمكن أن تزدهر في بيئات قمعية. حماية الصحفيين في الصومال ليست قضية محلية فقط، بل قضية عالمية، لأنها تمس الحق في الوصول إلى المعلومات. إذا عجز الصحفي عن تغطية حدث في مقديشو خوفًا من الرصاص، فإن العالم كله يخسر جزءًا من الحقيقة.
الرسالة واضحة: التضامن مع الصحفيين الصوماليين ليس مجاملة، بل واجب عالمي. يوم الأخبار العالمي ليس احتفالًا تقليديًا، بل مناسبة للتذكير بأن الحقائق لا تحمي نفسها، بل يحميها أناس يعرّضون حياتهم للخطر.
تعرف المزيد: بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال تواجه عجزًا بـ180 مليون دولار: من يدفع فاتورة السلام؟
بينما ترفع مئات غرف الأخبار حول العالم شعارات يوم الأخبار العالمي 2025 وتحتفل بقيمة الصحافة القائمة على الحقائق، يقف صحفيو الصومال في مواجهة الرصاص والتهديد والحرمان من التغطية. هذا التناقض الصارخ يذكرنا أن حرية الصحافة ليست شعارًا عالميًا يُحتفى به ليوم واحد في السنة، بل معركة يومية يخوضها الصحفيون من أجل الحقيقة، في مقديشو كما في أي مكان آخر.
“في النهاية، حماية الصحفيين تعني حماية الحقيقة، وحماية الحقيقة تعني حماية المجتمعات نفسها”.