في الأشهر الأخيرة، عاد سؤال قديم إلى الساحة: هل بدأ شتاء الذكاء الاصطناعي بالفعل؟ فبينما كانت التوقعات تشير إلى قفزة نوعية مع إطلاق تشات جي بي تي-5، جاء الاستقبال مخيبًا للآمال، لتعود المخاوف من أن قطاع الذكاء الاصطناعي يسير نحو مرحلة تباطؤ جديدة، رغم استمرار الضجيج الإعلامي وتدفق الاستثمارات.
إطلاق متعثر يزيد من الشكوك

عندما أعلنت OpenAI عن نموذجها الجديد “GPT-5″، كان يُنظر إليه على أنه خطوة كبرى نحو الذكاء الاصطناعي العام. لكن النتيجة جاءت عكس التوقعات. فبدلًا من الحماس، استقبل المستخدمون الإصدار بانتقادات واسعة، ما أجبر الشركة على إعادة إتاحة النماذج القديمة، في مشهد أعاد للأذهان بداية شتاء الذكاء الاصطناعي الذي يخشاه المستثمرون.
خسائر الأسواق تزيد القلق

لم يكن رد الفعل مقتصرًا على “أوبن إيه آي”، إذ تراجعت أسهم شركة “كور ويف” بأكثر من 25% بعد أن كشفت عن تباطؤ في نمو الإيرادات مقارنة بالنفقات. هذه الأرقام عززت المخاوف من أن قطاع الذكاء الاصطناعي قد يواجه أزمة ثقة، وهو ما قد يدفع الأسواق إلى الاعتقاد بأن شتاء الذكاء الاصطناعي بات أمرًا واقعًا.
دراسات تكشف فجوة بين التبني والنتائج
وفقا لدراسة حديثة أجرتها “ماكينزي”، فإن 80% من الشركات العالمية باتت تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن المفارقة أن التأثير على الأرباح ظل محدودًا. هذه النتيجة تدعم الرأي القائل بأننا قد نكون في بداية شتاء الذكاء الاصطناعي، حيث تتراجع الفوائد العملية مقارنة بالتوقعات الضخمة.
ردود الفعل العلمية والإعلامية

العالم غاري ماركوس والصحفي برايان ميرشانت كانا من أوائل من هاجموا “تشات جي بي تي-5″، واعتبروه مثالًا حيًا على المبالغات. حتى سام ألتمان نفسه خفف من حديثه عن “الذكاء الاصطناعي العام”، ما أثار تساؤلات إضافية حول ما إذا كنا بالفعل نقترب من شتاء الذكاء الاصطناعي.
المستثمرون بين الأمل والحذر

رغم هذه التحديات، فإن أسهم شركات كبرى مثل “مايكروسوفت” و”إنفيديا” لم تتأثر كثيرًا، في إشارة إلى أن بعض المستثمرين ما زالوا يرون أن الطريق لم يغلق بعد. البعض يرى أن ما يحدث ليس إلا تصحيحًا مؤقتًا، بينما يحذر آخرون من أن شتاء الذكاء الاصطناعي قد يطول إذا لم تتحقق نتائج عملية واضحة.
فجوة متزايدة..

التجربة مع “تشات جي بي تي-5” أبرزت فجوة متزايدة بين الأداء الذي تعلنه الشركات والمعايير التي يقيسها الباحثون، وبين ما يلمسه المستخدمون على أرض الواقع. وإذا لم تُسد هذه الفجوة قريبًا، فإننا سنشهد بالفعل مرحلة باردة تستحق اسم شتاء الذكاء الاصطناعي.
تعرف المزيد: تحليل عميق يكشف تأثير الذكاء الاصطناعي على وظائف التكنولوجيا الأسترالية
قد لا يكون من المبكر الجزم بأننا دخلنا رسميًا في شتاء الذكاء الاصطناعي، لكن المؤشرات الحالية من الإطلاق الباهت لـ”GPT-5″ إلى خسائر الأسواق وضعف الأثر على الأرباح تطرح بقوة هذا الاحتمال. ما سيحدد المسار في الأشهر المقبلة هو قدرة الشركات على تقديم تطبيقات عملية تحدث فرقًا ملموسًا، وإلا فإن برودة هذا الشتاء ستزداد قسوة.