في ظل الاضطرابات الأمنية التي تشهدها العاصمة الأميركية، برز عنوان هجوم واشنطن على الحرس الوطني ليكون محوراً مركزياً في النقاش السياسي والأمني، حيث أثار حادث واشنطن على الحرس الوطني مخاوف كبيرة على مستوى المؤسسات الفيدرالية والرأي العام، ويأتي هذا التصعيد في وقت تمر فيه الولايات المتحدة بمرحلة حساسة تتشابك فيها ملفات الهجرة والأمن الداخلي، مما يجعل هجوم واشنطن على الحرس الوطني حدثاً غير عابر، بل نقطة انعطاف في طريقة تعامل الأجهزة الحكومية مع التهديدات المحتملة.
ومع تزايد الجدل، يرى مراقبون أن هجوم واشنطن على الحرس الوطني أعاد إلى الواجهة أسئلة صعبة حول سياسات القبول والفرز الأمني، وفتح الباب أمام قراءات سياسية متباينة بشأن كيفية إدارة المخاطر المستقبلية، وبين الإدانة الرسمية والتحليل الإعلامي، بات هجوم واشنطن على الحرس الوطني قضية تتجاوز حدود حادث إطلاق نار، إذ تنعكس على صورة الأمن القومي الأميركي وتوجهات الإدارة في التعامل مع المخاطر الناشئة.
تصريحات ترامب وردود الفعل الحكومية

أصدر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بياناً رسمياً وصف فيه هجوم واشنطن على الحرس الوطني بأنه عمل “إرهابي”، مؤكداً أن وزارة الأمن الداخلي تملك مؤشرات واضحة على أن المشتبه به الذي نفّذ الهجوم دخل الولايات المتحدة قادماً من أفغانستان عام 2021. وقال ترامب في كلمة مسجلة إنه أصدر أوامر عاجلة بنشر 500 جندي إضافي من الحرس الوطني لتعزيز الأمن في العاصمة.
وأشار إلى أن ما جرى لا يمكن فصله عن سياسة الهجرة التي اعتمدتها إدارة جو بايدن، موضحاً أن مراجعة ملفات المهاجرين الذين دخلوا البلاد في السنوات الماضية أصبحت “ضرورة أمنية”، وتوالت ردود الفعل من أعضاء الكونغرس الذين عبّروا عن قلقهم من تداعيات هجوم واشنطن على الحرس الوطني، داعين إلى توسيع دائرة التحقيقات ورفع مستوى التأهب الأمني في المناطق الحيوية.
تفاصيل الحادث وموقع إطلاق النار

وقع الهجوم في منطقة حيوية بالقرب من محطة مترو فاراغوت، على بُعد مبان قليلة من البيت الأبيض، حيث اقترب المهاجم من دورية تابعة للحرس الوطني أثناء قيامها بمهامها اليومية، وبحسب شرطة العاصمة، فإن المهاجم بدأ إطلاق النار بشكل مباشر، مما أدى إلى إصابة جنديين إصابات خطيرة، وانتشر أفراد الأمن بسرعة في المنطقة، وقاموا بتأمين الموقع وفرض طوق أمني واسع. وذكرت التقارير الميدانية أن لحظة وقوع هجوم واشنطن على الحرس الوطني شهدت حالة من الهلع بين المارة الذين حاولوا الاحتماء داخل المباني المجاورة، وتُظهر صور أولية أن الهجوم تم بدقة وسرعة، وهو ما أثار تساؤلات حول مستوى التدريب الذي قد يكون تلقّاه المهاجم.
هوية المشتبه به ومسار التحقيقات الأولية

أوضحت تقارير “سي بي إس نيوز” أن المشتبه به يُدعى رحمان الله لاكانوال، وهو أفغاني يبلغ من العمر 29 عاماً، وتشير المعلومات الأمنية إلى أن دخوله البلاد عام 2021 تم ضمن برنامج تأشيرات خاص، وتعتقد السلطات أن المهاجم نفّذ الهجوم منفرداً دون مساعدة من جهات خارجية، إلا أن التحقيقات لا تزال في مراحلها الأولى، ويعمل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) على تحليل خلفيات المشتبه به، وفحص سجله الرقمي وعلاقاته السابقة لتحديد ما إذا كان قد تأثر بأفكار متطرفة. وقال مدير الـFBI كاش باتيل إن حالة الجنديين المصابين حرجة، وإن كل الأدلة المتوافرة حالياً تشير إلى أن الهجوم كان “متعمدًا ومخططًا له مسبقاً”. ويعد تحديد دوافع المهاجم أمراً أساسياً لفهم ما إذا كان هجوم واشنطن على الحرس الوطني يمثل حالة فردية أم بداية لنمط جديد من الهجمات.
الإجراءات الأمنية بعد الحادث

عقب وقوع الهجوم، تحركت وحدات الأمن بسرعة فائقة، وشهدت المنطقة المحيطة انتشاراً مكثفاً لعناصر الشرطة والحرس الوطني. وتم إغلاق عدد من الشوارع وإخلاء محيط محطة المترو، بينما حلّقت مروحيات فوق وسط المدينة لرصد أي تحركات مشبوهة. وأكدت رئيسة بلدية واشنطن، مورييل باوزر، أن هجوم واشنطن على الحرس الوطني يعتبر أحد أخطر الحوادث التي تواجه العاصمة في الفترة الأخيرة، وأن السلطات ستستمر في رفع مستوى التأهب. كما وضعت المستشفيات القريبة في حالة استعداد لاستقبال أي إصابات محتملة. وأصدرت وزارة الأمن الداخلي بياناً أكدت فيه أنه سيتم تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط البيت الأبيض وعدد من المنشآت الفيدرالية، إلى حين اكتمال التحقيقات.
الانعكاسات السياسية والجدل حول الهجرة

احتدم الجدل السياسي عقب الحادث، حيث اعتبر ترامب أن الهجوم دليل على فشل سياسات الهجرة التي اعتمدتها إدارة بايدن، فيما رفض الديمقراطيون ربط الحادث ببرامج استقبال الأفغان، معتبرين أن استغلال هجوم واشنطن على الحرس الوطني سياسياً “أمر غير مسؤول”. ورأى محللون أن الحدث سيزيد من الانقسام السياسي في الولايات المتحدة، خاصة مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية. وقد يدفع الحادث باتجاه إعادة النظر في آليات فحص خلفيات المهاجرين، وربما إعادة صياغة السياسات المتعلقة بملفات اللجوء والدخول الاستثنائي. كما أكدت مراكز أبحاث أميركية أن تداعيات هجوم واشنطن على الحرس الوطني قد تمتد لتؤثر على علاقات واشنطن مع كابول، خاصة في ظل التوتر القائم منذ الانسحاب الأميركي.
لمعرفة المزيد: اكتشاف غاز سام في غرفة العائلة الألمانية في إسطنبول
هجوم واشطن وقرارات ترامب

إن هجوم واشنطن على الحرس الوطني يمثل حدثاً بالغ الخطورة يعكس حساسية المرحلة التي تمر بها الولايات المتحدة. فبين التحديات الأمنية المعقدة والجدل الحاد حول الهجرة، يبدو أن هذا الحادث سيظل نقطة مفصلية في النقاش الوطني حول الأمن الداخلي. ومع استمرار التحقيقات، يبقى من الواضح أن تداعيات الهجوم لن تقف عند حدوده الميدانية، بل ستمتد إلى إعادة النظر في السياسات الأمنية والإدارية خلال الفترة المقبلة.
