أعاد الهجوم الذي شنّته النائبة الأمريكية الجمهورية نانسي ميس ضد زميلتها الديمقراطية إلهان عمر فتح ملف العنصرية السياسية الأمريكية، بعدما تمنت ميس أن يتم “ترحيل عمر إلى الصومال”، في سجال حاد على مواقع التواصل الاجتماعي أعقب تصريحات الأخيرة بشأن اغتيال الناشط المحافظ تشارلي كيرك.
هذا الجدل لم يكن مجرد نقاش عابر، بل كشف عن انقسام عميق داخل الكونغرس، وأعاد إلى الواجهة قضية استدعاء أصول إلهان الصومالية كلما تعرّضت لهجوم سياسي.
العنصرية السياسية الأمريكية.. حين تتحول الأصول إلى سلاح سياسي

منذ دخولها الكونغرس عام 2019، أصبحت إلهان عمر هدفًا مباشرًا لخصومها السياسيين، الذين لم يترددوا في التشكيك في وطنيتها واستدعاء خلفيتها الصومالية كوسيلة للضغط.
الهجوم الأخير لم يكن سوى حلقة جديدة في سلسلة طويلة من الاتهامات، إذ سبق للرئيس دونالد ترامب أن طالبها علنًا بـ”العودة إلى الصومال”، في خطاب أثار حينها غضبًا واسعًا داخل وخارج الولايات المتحدة.
اليوم، يجد خطاب “الترحيل” مساحة جديدة داخل الكونغرس، وهو ما يعكس حجم التمييز الذي تواجهه شخصيات سياسية من أصول مهاجرة، خاصة إذا كانت مسلمة أو تنتمي إلى مجتمعات ملونة.
الجمهوريون والانقسام الداخلي: اغتيال كيرك يتحول إلى معركة سياسية
اغتيال تشارلي كيرك، مؤسس حركة “Turning Point USA”، فتح الباب أمام الجمهوريين لاستهداف معارضيهم.
فعوضًا عن التركيز على إدانة العنف السياسي، تحوّل النقاش إلى محاولة عزل إلهان عمر من لجانها النيابية.
ميس لم تكن وحدها في الدعوة إلى معاقبة النائبة الديمقراطية، بل شارك عدد من الجمهوريين في حملة متصاعدة لتصوير تصريحاتها على أنها “احتفال بالقتل”، رغم أن عمر أوضحت مرارًا أنها أدانت الجريمة منذ اللحظة الأولى.
هذا الاستغلال السياسي يسلط الضوء على كيفية توظيف المآسي الوطنية لتصفية الحسابات، في وقت يعاني فيه الكونغرس أصلًا من استقطاب داخلي متزايد ويوضح العنصرية السياسية الأمريكية.
البعد الصومالي والرمزية: لماذا تُستحضر مقديشو دائمًا؟

ما يثير الانتباه هو أن الهجوم على عمر لا ينفصل أبدًا عن أصولها الصومالية.
كلما تعرّضت للنقد أو الخلاف السياسي، يُستدعى اسم الصومال في الخطاب، وكأنها ضيفة مؤقتة في بلد تحمل جنسيته منذ عقود.
لكن المفارقة أن إلهان عمر ليست فقط أول امرأة صومالية أمريكية تصل إلى الكونغرس، بل أيضًا رمز لجيل المهاجرين الذين يمثلون أصوات مجتمعات متعددة داخل الولايات المتحدة.
استمرار توظيف “الصومال” كشتيمة سياسية لا يسيء لعمر وحدها، بل يعكس صورة مشوهة عن بلد كامل أمام الرأي العام الأمريكي.
الإعلام والخطاب السياسي: من مهدي حسن إلى فوكس نيوز

مقابلة إلهان عمر مع الإعلامي مهدي حسن كانت الشرارة التي فجّرت أزمة العنصرية السياسية الأمريكية، بعدما تحدثت عن إرث تشارلي كيرك بشكل نقدي، مع التأكيد في الوقت ذاته على تعاطفها مع أسرته.
لكن الإعلام اليميني، وعلى رأسه “فوكس نيوز”، التقط التصريحات ووضعها في إطار مختلف، مصورًا إياها كنوع من الشماتة.
في المقابل، ركز الإعلام التقدمي على خطورة التحريض ضد عمر، محذرًا من تكرار سيناريو تهديدات سابقة طالتها وأسرتها.
هذا التباين الإعلامي يعكس عمق الانقسام في الولايات المتحدة، حيث يتحول الخطاب السياسي إلى مادة إعلامية تُغذي الانقسام بدل أن تُخففه.
تعرف المزيد: الانتخابات الرئاسية الصومالية 2026.. سعيد عبد الله دني يدخل السباق فماذا يعني ذلك؟
الهجوم على إلهان عمر يضع سؤالًا محوريًا أمام الأمريكيين: إلى أي مدى وصلت العنصرية السياسية الأمريكية، الي متي يُستخدم الأصل العرقي أو الديني كسلاح سياسي؟
وإذا كانت أول صومالية أمريكية في الكونغرس لا تزال تُعامل كـ”غريبة” بعد سنوات من الخدمة العامة، فماذا عن ملايين المهاجرين الآخرين؟
القضية أبعد من خلاف حزبي، إنها مرآة تكشف حجم العنصرية السياسية الأمريكية، وكيف يمكن أن تتحول حياة الأفراد وخلفياتهم إلى وقود لصراعات لا تنتهي.