أنهت القوات الحكومية الصومالية حصارًا استمر ست ساعات على سجن “جودكا جيلو” في العاصمة مقديشو، بعد هجوم حركة الشباب في مقديشو الذي وُصف بأنه الأعنف منذ مطلع العام.
ورغم محاولة المهاجمين اختراق أحد أكثر المواقع تحصينًا في البلاد، أعلنت الحكومة نجاح قواتها في القضاء على جميع المسلحين السبعة دون تسجيل أي خسائر بين المدنيين أو قوات الأمن، في عملية اعتُبرت نموذجًا للسيطرة الأمنية السريعة والدقيقة في وجه هجوم منظم تبنته الحركة المرتبطة بتنظيم القاعدة.
بداية الهجوم: تفجير انتحاري أعقبه اشتباك عنيف

بدأ هجوم حركة الشباب في مقديشو عندما فجر المسلحون سيارة مفخخة أمام بوابة السجن، أعقبه إطلاق نار كثيف وهجمات منسقة على المداخل.
وقالت وزارة الأمن الداخلي إن المهاجمين استخدموا مركبات مموهة تشبه عربات الاستخبارات وارتدوا زيًا عسكريًا رسميًا لتجاوز نقاط التفتيش، لكن القوات الخاصة تدخلت بسرعة واستعادت السيطرة على المجمع خلال ساعات.
وأكدت السلطات أن “العملية كانت دقيقة وسريعة، وتم تحييد التهديد دون أي خسائر في صفوف قواتنا”.
سجن جودكا جيلو: الهدف الذي فشل في السقوط

يُعتبر سجن “جودكا جيلو” منشأة شديدة التحصين تقع بالقرب من القصر الرئاسي، ويضم عددًا من أبرز قادة حركة الشباب.
وكان هدف المهاجمين، وفق بيان الحركة، هو تحرير بعض عناصرها المحتجزين، غير أن الخطة أُحبطت بالكامل بفضل استجابة أمنية منسقة بين الجيش ووحدة المخابرات.
وتصف وزارة الداخلية هجوم حركة الشباب في مقديشو بأنه “محاولة فاشلة لضرب رمزية الدولة ومؤسساتها الأمنية”.
الهجوم بعد ساعات من إعادة فتح الطرق

جاء هجوم حركة الشباب في مقديشو بعد ساعات فقط من رفع الحكومة الفيدرالية لعشرات الحواجز الأمنية التي كانت قائمة منذ أكثر من عشر سنوات في مقديشو، في إشارة إلى تحسن الوضع الأمني.
لكن الهجوم أثار تساؤلات حول جاهزية العاصمة للتعامل مع تهديدات معقدة، خصوصًا أنه وقع في منطقة تخضع لإجراءات مشددة منذ سنوات.
شهادات من الميدان: سرعة استجابة وإنقاذ المصابين
قال عبد القادر آدم، مالك شركة إسعاف خاصة، إن فرقه نقلت نحو 25 مصابًا إلى المستشفيات خلال ساعات الهجوم.
كما أكد مدير مستشفى خاص، عبد القادر يوسف عبد الله، أن طواقمه تعاملت مع حالات طارئة ووفرت رعاية عاجلة للمصابين، مشيدًا بسرعة التنسيق بين الخدمات الصحية والأمنية أثناء هجوم حركة الشباب في مقديشو.
تحليل أمني: نجاح تكتيكي ورسالة مزدوجة

يرى محللون أن نجاح القوات الصومالية في إنهاء هجوم حركة الشباب في مقديشو دون خسائر كبيرة يمثل إنجازًا أمنيًا مهمًا، لكنه في الوقت نفسه يكشف عن استمرار قدرة الجماعة على اختراق العاصمة وتنفيذ عمليات رمزية.
وتوضح الخبيرة الأمنية سميرة جيد أن “الحركة اختارت هدفًا شديد الحساسية لإرسال رسالة مفادها أنها ما زالت موجودة، رغم التراجع الميداني في بعض المناطق”.
خسائر وتداعيات أوسع
بين يناير ويوليو من هذا العام، نزح أكثر من 60 ألف شخص جراء المعارك بين القوات الحكومية وحركة الشباب، وفق تقارير أممية.
ويقول مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية إن الصومال وحدها تشكل نحو ثلث ضحايا الإرهاب في القارة الأفريقية، ما يعكس استمرار التحدي الأمني رغم النجاحات التكتيكية مثل عملية السيطرة الأخيرة في مقديشو.
الرسالة السياسية: الدولة تستعيد ثقتها

تحاول الحكومة الصومالية استثمار نجاحها في صد هجوم حركة الشباب في مقديشو لتعزيز صورة قواتها أمام الرأي العام المحلي والدولي.
وقال المتحدث باسم وزارة الأمن: “ما حدث في جودكا جيلو يثبت أن قدراتنا الدفاعية والاستخباراتية في تحسن واضح، وأن مقديشو قادرة على التصدي لأي تهديد”.
لكن خبراء يحذرون من أن الجماعة قد تعيد تنظيم صفوفها وتستغل الدعاية الإعلامية للرد بعمليات جديدة.
تعرف المزيد: هجوم على سجن في مقديشو بعد ساعات من رفع الحواجز الأمنية
اختبار الأمن في العاصمة لم ينتهِ بعد
رغم السيطرة الكاملة على هجوم حركة الشباب في مقديشو، فإن الحادث يذكّر بأن العاصمة الصومالية ما زالت على خط النار بين الاستقرار الهش والتهديد المستمر.
وبينما يصفه البعض بانتصار أمني نوعي، يرى آخرون أنه جرس إنذار للحكومة كي تعزز جاهزيتها وتغلق الثغرات الاستخباراتية قبل أن يختبر المسلحون قدرتها مجددًا.