تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال، في قلب إقليم جلجذود وسط الصومال، تحولت المأساة إلى فرصة للحياة. أكثر من 100 أسرة فقدت ماشيتها بسبب موجات الجفاف المتكررة، وجدت طريقاً جديداً عبر الزراعة. هذه العائلات المقيمة في فارغوي، دودوما-عادي، إيلانلي، مارارغور، ومخيمات النزوح، بدأت بإنتاج محاصيل الخضروات والحبوب، وبيعها في طوسمريب والمناطق المجاورة، ما وفر دخلاً ثابتاً يغطي الغذاء والتعليم والرعاية الصحية. هذه التجربة أصبحت نموذجاً حياً لـ تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال.
دعم دولي يقود التغيير

تحظى هذه المبادرات بدعم من منظمات إنسانية، أبرزها المجلس النرويجي للاجئين، الذي وفر البذور، أدوات الزراعة، والتدريب، ما أدى إلى ارتفاع عدد المزارع في المنطقة إلى أكثر من 400 مزرعة. ووفقاً لرئيس تعاونية مزارعي طوسمريب، حرسي فرح عثمان، فإن الإنتاج المحلي خفض الاعتماد على الواردات من جنوب البلاد وساعد على استقرار الأسعار. ومع ذلك، دعا عثمان إلى استثمارات أكبر في حفر الآبار العميقة لضمان استدامة هذا التحول. ويبرز هنا دور تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال كأداة حقيقية لتعزيز الأمن الغذائي.
قصص أمل من رحم المعاناة

قصص المزارعات تحمل في طياتها ملامح التحدي والإصرار.
- عذراء عبدي عثمان، التي فقدت ماشيتها العام الماضي، بدأت الزراعة منذ أكثر من عام، وجمعت خمسة مواسم حصاد بدخل يقارب ألف دولار، ما مكنها من إعالة أطفالها الستة ووالدتها.
- نعيمة علي إبراهيم، النازحة من جوبا السفلى عام 2021، التحقت بتعاونية زراعية، وحصدت ستة مواسم بدخل بلغ 300 دولار شهرياً، مكنها من رعاية أطفالها العشرة بعد سنوات من الحرمان.
هاتان القصتان تعكسان معنى تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال، حيث تحولت المعاناة اليومية إلى مصدر دخل واستقرار أسري.
الزراعة ركيزة الاقتصاد في مواجهة المناخ

يظل قطاع الزراعة من أعمدة الاقتصاد التقليدي في الصومال، إذ يعتمد عليه أكثر من 60% من السكان. لكن التغيرات المناخية والنزاعات المسلحة ألحقت أضراراً فادحة به، وفاقمت انعدام الأمن الغذائي والنزوح. ومع ذلك، تثبت مبادرات جلجذود أن تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال قادر على إعادة رسم خريطة الاستقرار المحلي إذا توفرت له فرص الدعم الفني والمالي.
تحديات إنسانية وأرقام مقلقة

وفقاً لإدارة الكوارث الوطنية، يواجه نحو 4.4 ملايين صومالي انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، بينما نزح أكثر من 100 ألف شخص داخلياً منذ يونيو الماضي بسبب الصراعات المسلحة والنزاعات القبلية. كما ارتفعت أزمة الغذاء بنسبة 29% منذ بداية العام، بفعل الجفاف طويل الأمد وتراجع المساعدات. وفي ظل هذه الأوضاع، يصبح تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال ضرورة استراتيجية وليست مجرد مبادرة محلية.
الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر
الأمم المتحدة صنفت الصومال من أكثر الدول المتضررة من التغير المناخي، بعد أن شهدت أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود تلتها فيضانات مدمرة. أكثر من نصف السكان يعتمدون على المساعدات الإنسانية، لكن ضعف التمويل وتدهور الوضع الأمني يعيقان وصولها. وكالات الأمم المتحدة حذرت من “كارثة إنسانية وشيكة”، مؤكدة أن تأخير التمويل قد يدفع مئات الآلاف إلى حافة المجاعة.
تعرف المزيد: 7 ملامح ترسم مستقبل الصومال والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بعد 5 سنوات: بين الاستقرار والتحديات
من الأزمات إلى الاستقرار عبر النساء
رغم القتامة التي تفرضها الأرقام، فإن مبادرات المزارعات في جلجذود تظل شاهداً على قدرة المجتمع المحلي على التكيف. من خلال الزراعة، استطاعت النساء إعادة رسم مسار حياتهن، وتحويل أرض جافة إلى حقول منتجة. هذه النماذج تثبت أن تمكين النساء في مواجهة الجفاف في الصومال ليس مجرد شعار، بل هو طريق فعلي لمواجهة التغير المناخي وبناء مستقبل أكثر استقراراً.