في الوقت الذي تُصعّد فيه الحكومة الصومالية من وتيرة العمليات العسكرية، عقد مجلس الوزراء الصومالي جلسة مهمة ناقش خلالها تطورات العمليات ضد حركة الشباب في مختلف الولايات، إلى جانب المستجدات الأمنية، وتقدم القوات المسلحة الوطنية على الأرض.
الجلسة عكست، وفق مراقبين، التحول من النهج الدفاعي إلى استراتيجية استباقية تهدف لتجفيف منابع الإرهاب وتفكيك بنيته التحتية في الأقاليم، بدعم من الحلفاء الدوليين. فهل تقترب الحكومة من تحقيق نصر حاسم على هذه الجماعة المتطرفة؟
العمليات ضد حركة الشباب..تصعيد لا رجعة فيه
أكد المجلس، برئاسة رئيس الوزراء حمزة عبدي بري، أن العمليات ضد حركة الشباب تمضي قدمًا وفق خطة وطنية محكمة، بمشاركة الجيش الوطني والمقاومة المحلية وسلاح الجو، بدعم من شركاء دوليين مثل تركيا والولايات المتحدة.
وشهدت الأسابيع الأخيرة تطورات نوعية، أبرزها استعادة مناطق استراتيجية في ولايتي هيرشبيلي وشبيلي الوسطى، وقتل واعتقال قيادات ميدانية من التنظيم، في مؤشر على تضييق الخناق على تحركات عناصره.
وتضمنت الجلسة عرضًا تفصيليًا من وزارة الدفاع وهيئة الأركان، أظهر أن العمليات ضد حركة الشباب بدأت تُحدث ارتباكًا في صفوف التنظيم، وسط انخفاض في وتيرة هجماته مقارنة بالعام الماضي.
تحديات أمنية وموقف سياسي موحّد
رغم التقدم الميداني، لم يُخفِ مجلس الوزراء وجود تحديات حقيقية، أبرزها:
1.تسلل العناصر الإرهابية إلى المدن.
2.ضعف التعاون من بعض الإدارات المحلية.
3.استمرار التمويل الخارجي للتنظيم.
وفي هذا السياق، دعا رئيس الوزراء جميع القوى السياسية إلى توحيد الصفوف وعدم تسييس الملف الأمني، مؤكداً أن معركة الصومال اليوم ليست عسكرية فقط، بل سياسية ومجتمعية أيضًا، تستدعي تضافر الجهود الشعبية والدبلوماسية.
كما شدد على أن الحكومة تضع مصلحة المواطن وسلامته فوق كل اعتبار، وستواصل العمليات ضد حركة الشباب و تطهير البلاد من الإرهاب، دون تراجع أو مساومة.
التعاون الإقليمي والدولي لتعزيز الاستقرار
ناقش الاجتماع أوجه التعاون مع بعثة الاتحاد الأفريقي (أتميس) والدول الحليفة في توفير الدعم الاستخباراتي واللوجستي. ويُذكر أن الطائرات المسيّرة التركية، إلى جانب الدعم الأمريكي، لعبت دورًا حاسمًا في ضرب معاقل الشباب في الأيام الأخيرة.
كما تطرق الاجتماع إلى الجهود الدبلوماسية لتعزيز التنسيق الأمني مع إثيوبيا وكينيا وجيبوتي، في ظل تحذيرات أممية من خطر “امتداد التهديد الإرهابي عبر الحدود”، مما يستوجب مقاربة أمنية إقليمية.
خرج الاجتماع بعدة توصيات، من بينها:
1.تعزيز دور المجالس المحلية في المراقبة والإبلاغ.
2.تكثيف الحملات الإعلامية لفضح أيديولوجيا الشباب المتطرفة.
3.رفع جاهزية القوات البرية والجوّية.
4.التنسيق مع وزارة التعليم لتعزيز المناعة الفكرية لدى الشباب.
كما تقرر عقد جلسة دورية لمتابعة نتائج العمليات ضد حركة الشباب، وتقييم الأداء الميداني والتكتيكي للقوات، في ظل هدف واضح: تحرير البلاد بالكامل قبل نهاية 2025، وتهيئة بيئة آمنة للانتخابات المقبلة.
إن مناقشة مجلس الوزراء الصومالي لمستجدات العمليات ضد حركة الشباب تأتي في لحظة حاسمة تُعيد فيها الدولة رسم ملامح أمنها واستقرارها. فالصومال اليوم يخوض معركته الأهم، ليس فقط ضد بنادق المتطرفين، بل ضد مشروع الظلام نفسه.
ورغم العقبات، فإن التقدّم المسجّل على الأرض، والدعم الإقليمي والدولي، يمنح الحكومة دفعة قوية للاستمرار في طريقها نحو بناء دولة آمنة، مستقرة، وديمقراطية.
تعرف المزيد على: الأضاحي في الصومال: بصيص أمل لأم تكافح من أجل البقاء